لأبي علي:"حتى" هنا بمعنى إلى، و"إذا" خرجت عن الظرف، ويدل على أنها ليست ظرفًا أنه لا جواب لها، بل حتى هنا متعلقة بقوله: قطينًا، إلى زمن نبات البقل. انتهى. وفي دليله نظر، فإنه إنما يدل على كونها غير شرطية، ويجوز أن تكون شرطية بتقدير جواب يعلم من قرينه الحال، وهو: ارتحلوا، أو استغنوا. وتكون حتى ابتدائية غاية لقطين. وبعدهما:
هنالك إن يستخلبوا المال يخبلوا ... وإن يسأوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
هنالك، أي: في تلك الشدة يتفضلون ويتكرمون، والاستخبال: أن يستعير الرجل من الرجل الإبل فيشرب ألبانها، وينتفع بأوبارها. والإخبال المنيحة من الإبل؛ أن يعطيه ناقة أو شاة، وييسروا: من اليسر، يقول: إذا قامروا بالميسر يأخذون سمان الجزر فيقامرون عليها. ولا ينحرون إلا غالية.
وفيهم مقامات حسان وجوههم ... وأندية ينتابها القول والفعل
المقامات: المجالس، سميت بذلك لأن الرجل يقوم في المجلس، فيحض على الخير ويصلح بين الناس. وأراد بالمقامات أهلها، ولذلك قال: حسان وجوههم. والأندية: جمع ندي، وهو المجلس والمتحدث. وقوله: ينتابها القول، أي: يقال فيها الجميل من القول، ويعمل به. والانتياب: القصد إلى الموضع والحلول به، وهو من: ناب ينوب.
على مكثريهم حقُّ من يعتريهم ... وعند المقلِّين السَّماحة والبذل
يقول: على أغنيائهم القيام بمن اعتراهم، أي: قصدهم وطلب معروفهم، والمقل: القليل المال؛ وصف فقراءهم بأنهم يسمحون ويبذلون بمقدار طاقتهم.