للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحمرة، مفروض بوشي كوفي، وفي المضرب ستارة مضروبة من الديباح الأحمر عليها تماثيل ذهب، ومن ورائها وجه لم أحسب أن الشمس وقعتعلى مثله حسناً وجمالاً، فقامت كالخجلة، وقعدت قبالتي وسلمت علي، فخيل لي أن الشمس تطلع من جبينها، وتغرب في شقائق خدها، قالت: أنت عمر ابن ابي ربيعة، فتي قريش وشاعرها؟ قلت: أنا ذلك، قالت: أنت القائل:

بينمَا يَبغينني أبصرنني ... دون قيد الميل يعدو بي اأغر

قالت الكبريَ: أما تعرفن ذا ... قالت الوسطي بلي هذا عمر

قالت الصغري وقد تّيمتُها ... قد عرفناهُ وهل يخفَي القَمَر

قلت: أنا والله قائلها يا سيدتي، قالت: ومن هؤلاء؟ قلت: يا سيدتي، والله ما هو عن قصد مني ولا في جارية بعينها، ولكني رجل شاعر أحب الغزل وأقول من النساء، قالت: يا عدو الله، يا فاضح الحرائر، قد فشما شعرك بالحجاز، وأنشده الخليفة والأمراء، ولم يكن في جارية بعينها؟ ! يا جواري أخرجنه، فخرجن إلى الوصائف فأخرجنني، ودفعنني إلى الجارية، فعجرتني وقادتني إلى مضربي فبت بليلة كانت أطول من سنة، فلما أصبحت بقيت بها هائمًا لا أعقل ما أصنع، فما زلت أرقب الوقت، فلما حان وقت المساء جاءتني الجارية، فسلمت علي وقالت: يا عمر، هل رأيت ذلك الوجه؟ قلت: أي واله، قالت: أفتحب أن أريكة ثانية؟ قلت: إذا تكرمت تكونين أعظم الناس منه علي، فقالت: على الشريطة، فاستخرجت المعجر فعجرتني، وقادتني، فلما توسطت المضرب فتحت العصابة عن وجهي، فإذا أنا بمضرب ديباج أحمر مدنر ببياض مفروش بأرمني، فقعدت على نمرقة من تلك النمارق، فإذا أنا بالشمس الضاحية، قد أقبلت من وراء الستر تتمايل من غير سكر، فقعدت كالخجلة، فسألتني وسلمت علي

<<  <  ج: ص:  >  >>