نفرت معها، فبصرت في طريقها بقباب ومضرب وهيئة جميلة، فسألت عن ذلك فقيل لها: عمر، فساءها ذلك، وقالت للعجوز: قولي له: ناشدتك الله والرحم أن تفضحني، ويحك! ما شأنك؟ ، وما تريد؟ انصرف ولا تفضحني ونشيط بدمكّ! فقلت: ما أنا بمنصرف، أو توجّهَ إلى بقميصها الذي على جدلك، ففعلت فزادني بها سغفاً، ولم أزل أتبعهم ولا أخالطهم حتى [إذا] صاروا على أميال من دمشق، انصرف عمر وقال:
ضاق الغداة بحاجتي صدري ويئستُ بعدَ تقرب الأمرِ
وذكَرتُ فاطمة التي عُلِّقتَها ... عرضاً فيا لحوادث الدَّهر
هي أبيات تزيد على عشرة هذا ما أورده الأصبهاني، وقد روي الجاحظ هذه الحكاية، وفيها مخالفة لما تقدم في عدة أحببت إيرادها هنا، وإن كان فيها طول؛ قال في كتاب "المحاسن والأضداد" عن الكلبي: وقال عمر أبن أبي ربيعة: بينا أنا خارج محرم إذا أتتني جارية كأنها دمية في صفاء اللجين، في ثوبي قصب كقضيب على كئيب، فسلمت على وقالت: عمر ابن أبي ربيعة فتي قريش وشاعرها؟ قلت: أنا والله ذاك، قالت: فهل لك أن أريك أحسن الناس وجهاً؟ قلت: ومن لي بذلك؟ قالت: أنا والله لك بذلك، على شريطة، قلت: وما هي؟ قالت: أعصِّبك وأربط عينيك، وأقودك ليلاً، قلت: لك ذلك، قال: فاستخرجت معجرًا من قصب عجرتني به، وقادتني حتى أتت بي مضربًا، فلما توسطته فتحت العصابة من عيني، فإذا أنات بمضرب ديباج أبيض مدثر