وعصف الإثمد: ما سحق منه، وهو من عصفت الريح: إذا هبت بشدة، فسحت ما مرت به وكسرته، وهو مصدر وصف به المفعول، كما قيل: الخلق بمعني المخلوق، والرواية الصحيحة:"ومسحت" بكسر التاء، وعليه التفسير، ويروي:"مسحت" بضم التاء، ومعناه: قبلتها فمسحت عصف الإثمد في لثتها، وكانت العرب تفعل ذلك، تغرز المرأة لثاتها بالإبرة، ثم تمر عليها الإثمد والنؤوو، وهو دخان الشحم المحرق حتى يثبت باللثات، فتشتد وتستمر، ويتبين بياض الثغر، ويكون المعني: باشرت من سمرتها مثل عصف الإثمد، وإنما خص الحمامة النجدية، لأن الحمام عند العرب كل مطوق كالقطا وغيره، وإنما قصده إلى الحمام الورق المعروفة، وهي تألف الجبال والحزون - والنجد: ما ارتفع من الأرض - ولا تألف الفيافي والسهول كالقطا وغيره، انتهي كلام الأعلم، وقال ابن خلف: الشاهد فيه حذف الياء من نواحي، وحذف الياء في الإضافة ردئ وحذفها في غير الإضافة أسهل، ونواحي: جمع ناحية، مثل: سارية وسواري، والعصف: ورق الزرع، والإثمد: هذا الكحل المعروف، والكحل: حجر يؤخذ من معدن من المعادن، وليس بشيء ينبت فيكون له ورقن، ولم يكن الإثمد من الأشياء التي ببلاد العرب، وهم لا يقفون على حقيقته إلا ممن عرفه، وقيل: العصف: الغبار، وهذا لا إشكال فيه.
وظن أن الكحل من النبات كالنِلج، كما ظن أبو نخيله أن الفستق من البقول، فقال: