وتنفيس الكرب, ولعلها في بلاد الحجاز وما أشبهها تكون بهذه الصفة, انتهى كلامه.
أقول: إن الريح التي تسمى بمصر: المريسي, بفتح الميم, نسبة إلى مربس, وهو جنس من السودان من بلاد النوبة يسمونها المريس, لإتيانها من تلك الجهة, قاله ابن خلكان في «تاريخه» وهي تهب في الشتاء باردة وفي الصيف حارة, لكنها تبرد الماء, والنوبة في جهة الجنوب, فكيف تكون ريح الصبا! فتأمل.
وقوله: يخلص, أي: يصل, من الخلوص, وهو الوصول على وجه الكمال, جزم في جواب الأمر. وقوله: أجد بردها, بدل من يخلص, وعطف تشف بأو على منع الخلو لا الجمع. وصميم الشيء: خالصه. وقوله: فإن الصبا, الفاء: تعليلية, وجمع الأدواء جمع داء, وهو المرض, باعتبار الأنواع, وقوله: وأقتل: أي, أسدها قتلًا.
وقائل الشعر: مجنون بني عامر, واسمه قيس بن الملوح بن مزاحم العامري, وصاحبته ليلى بنت مهدي العامرية وشعره كثير في الطبقة العليا في الحسن والرقة, وله حكايات وأحوال أوردها الأصبهاني في «الأغاني» وترجمة ترجمة طويلة وهام بحبها في الفلوات وأنس الوحوش, فكان لا يأكل إلا مما تنبت الأرض من البقول, ولا يشرب إلا مع الظباء, وطال شعره وألفته الوحوش, وكان يهيم حتى يبلغ حدود الشام, فإذا ثاب عقله سأل عن نجد فيقال: وأين نجد, أنت في موضع كذا! فيدلونه على الطريق فيتوجه نحوه, وكان أهله يأتونه بالطعام والشراب, فربما أكل منه, ففي بعض الأيام أتوه بالطعام فلم يجدوه, فانطلق أهله يفتشون البراري, فرأوه ملقى بين الأحجار ميتًا, فاحتملوه إلى الحي, فغلوه وكفنوه ودفنوه, وكثر بكاء النساء والثياب عليه. وكان معاصرًا