للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني مصدرا, وهو أوفق بقوله: فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت. قال صاحب «القاموس»: النسيم: الريح إذا كان ضعيفًا, والنسيم أيضًا: مصدر نسمت الريح تنسم نسمًا ونسيمًا ونسمانًا, وبه فسر قول امرئ القيس:

نسيم الصبا جاءت بريًا القرنفل

وروى العيني في «شواهده» تبعًا لغيره: «طريق الصبا» وهو واضح لا إشكال فيه, والصبا كما قال الجوهري: ريح ومهبها المستوي: أن تهب من موضع مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار, وقام الإمام الواحدي في «تفسير الوسيط» عند قوله تعالى: {إني لأحد ريح يوسف} [سورة يوسف/ ٩٤] إن ريح الصبا استأذنت ربها أن تأتي يعقوب بريح يوسف عليهما السلام قبل أن يأتيه البشير بالقميص, فأذن لها فأتته بذلك, فلهذا يستروح كل محزون بريح الصبا, وهي من المشرق, إذا هبت على الأبدان نعمتها, وهيجت الأسواق إلى الأوطان والأحباب, وأنشد البيتين من شعر المجنون المتقدم.

قال الصفدي في «تاريخه» بعد نقل هذا: الظاهر أن نسيم الصبا يختلف مزاجه وتأثيره باختلاف الأرض والبقاع التي تمر عليها, والفصول أيضًا, فهي في الربيع تكون ألطف منها في غيره, لأنا نشاهد بالحس أن الريح التي تهب بدمشق وغيرها مما يقاربها ريح يابسة المزاج تجفف الرطوبات وتقحل الأجسام وتحرق الثمار والزروع, وهي في الديار المصرية أشد منها في الشام, وهي التي يسمونها المريسي, على أن أشعار العرب ملأى من الاسترواح بها, ووصفها باللطف

<<  <  ج: ص:  >  >>