للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنه بأخذ السبق، فقتله قيس، فاجتمع الناس، فاحتملوا ديته مائة عشراء، فقبضها حذيفة، وسكن الناس، ثم إن حذيفة استفرد أخًا قيس، وهو مالك بن زهير فقتله، وكان الربيع بن زياد، يومئذ، مجاور بن فزارة، عند امرأته، وكان مشاحنًا لقيس بن زهير في درعها لتي اغتصبها من قيس، فلما قتل مالك بن زهير ارتحل الربيع بن زياد، ولحق بقومه، وأتاه قيس بن زهير فصالحه، ونزل معه، ثم دس قيس أمة إلى الربيع تنظر ما يعمل، فأتته امرأته تعرض له، وهي علي طهر فزجرها، وقال:

منع الرقاد فما أغِّمض حار ... جلل من النَّبأ المهمِّ السَّاري

من كان مسروراً بمقتل مالكِ ... فليأت نسوتنا بوجه نهار

يجد النِّساء حواسراً يندبنه ... يندبن بين عوانسٍ وعذاري

أفبعد مقتل مالك بن زهيرِ ... ترجو النِّساء عواقب الأطهار

فأخبرته الأمة قيسًا بهذا، فأعتقها، ثم إن بني عبس تجمعوا ورئيسهم الربيع ابن زياد، وتجمع بنو ذبيان ورئيسهم حذيفه بن بدر، وتحاربوا مراراً، ثم إن الربيع بن زياد أظفره الله تعالي في جفر الهباءة على حذيفة بن بدر وأخويه حمل بن بدر، ومالك بن بدر، فقتلهم، ومثلوا بحذيفة، فقطعوا ذكره، فجعلوه في فيه، وجعلوا لسانه في ديره، وقال الربيع بن زياد يرثي حمل بن بدر:

تعلَّم أنَّ خير الناس طرّاً ... على جفر الهباءة ما يريم

ولولا ظلمه ما زلت أبكي ... عليه الدَّهر ما طلع النجومُ

ولكنَّ الفتي حمل بن بدرٍ ... بغي والبغي مرتعة وخيم

أظنُّ الحلم دلَّ علىَّ قومي ... وقد يستجهل الرجل الحليم

ألاقي من رجال منكرات ... فأنكرهُا وما أنا بالظَّلوم

<<  <  ج: ص:  >  >>