للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داحس والغبراء، فقال حمل: الغبراء أجود، وقال قرواش: داحس أجود؛ فتراهنا عليهما عشرة في عشرة، فأتي قرواش إلى قيس بن زهير فأخبره، فقال له قيس: راهن من أحببت وجنبني بني بدر، فإنهم قوم يظلمون قدرتهم على الناس في أنفسهم، وأنا نكد أباء، فقال قرواش: إني قد أوجبت الرهان، فقال قيس: ويلك! ما أردت إلى أسأم أهل بيت! والله لتنغلن علينا شراً، ثم إن قيسًا أتي حمل بن بدر فقال: إني أتيتك أواضعك الرهان عن صاحي، قال حمل: لا أواضعك أو تجيء بالعشر، فإن أخذتها أخذت سبقي، وإن تركتها تركت حقًا؛ فأحفظ قيسًا فقال: هي عشرون، قال حمل: ثلاثون، فتزدايدا حتى بلغ به قيس مائة، وجعل الغاية مائة غلوة- بفتح المعجمة، وسكون اللام: مقدار رمية سهم- فضمروهما أربعين يومًا، ثم استقبل الذي ذرع الغاية من ذات الإصاد، وهي ردهة في ديار عبس، وسط هضب القليب –قال الأصمعي: هضب القليب بنجد.: جبال صغر، والقليب في وسط هذا الموضع، يقال له: ذات الإصاد، وهو اسم من أسمائها، والردهة: نقيرة في حجر يجتمع فيها الماء- فانتهي الذرع إلى مكان ليس له أسم، فقادوا الفرسين إلى الغاية، وقد عطشوهما، وجعلوا السابق الذي يرد ذات الإصاد، وهي ملأي من الماء، ولم يكن ثمة قصبة، ووضع حمل حيسماً في دلاء، وجعله في شعب من شعاب هضب القليب على طريق الفرسين، وكمن معه فتيانًا، وأمرهم إن جاء داحس سابقاً أن يرد وجهه عن الغاية، وأرسلوهما من منتهي الذرع، فلما دنوا وقد برز داحس، وثب الفتية فلطموا وجه داحس فردوه عن الغاية، فقال قيس: يا حذيفة أعطني سبقي، وقال الذي وضع عنده السبق: إن قيسًا قد سبق، وإنما أردت أن يقال: سبق حذيفة، وقد قيل، فأمره أن يدفعه لقيس، ثم إن حذيفة ندِّمه الناس، فبعث

<<  <  ج: ص:  >  >>