إلا لمعنى زائد كالزوائد الأربع في المضارع، وعلى ما قالوه: تكون زائدة لغير معنى، فإن قلت: فما ذلك المعنى الذي تعطيه الميم؟ قلنا: الحدث يتضمن زمانًا ومكانًا وحالاً، فالمذهب عبارة عن الزمان الذي فيه الذهاب، وعن المكان أيضًا؛ فهي تعطي معنى الحدث، وشيء زائد عليه، وكذلك إذا أردت الحدث مقرونًا بالحالة والهيئة التي يقع عليها. قال الله سبحانه وتعالى: } ومن آياته منامكن بالليل والنهار {[الروم /٢٣]. فأحال على التفكر في هذه الحالة المستمرة على البشر، ثم قال في آية أخرى: } لا تأخذه سنة ولا نوم {[البقرة/ ٢٥٥] ولم يقل منام، لخلو هذا الموطن من تلك الحالة، وتعرّبه من ذلك المعنى الزائد في الآية الأخرى؛ ومن لم يعرف جوهر الكلام، لم يعرف الإعجاز. انتهى كلام السهلي. ولغرابته نقلناه برمته.
وبعد ثمانية أبيات قال:
يا من لعاذلةٍ تلوم سفاهًة ... ولقد عصيت إلى الهوى لوّامي
بكرت عليَّ بسحرةٍ بعد الكرى ... وتقاربٍ من حادث الأّيام
زعمت بأنّ المرء يكرب يومه ... عدم لمعتكرٍ من الأصرام
إن كنت كاذبة الذي حدَّثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبَّة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرّةٍ ولجام
قوله: يا من لعاذلة، اللام متعلقة بمحذوف تقديره: يا من يقوم لعاذلة، فيدفع لومها عني، وإلى: متعلقة بمحذوف تقديره: ولقد عصيت لوّامي مائلاً إلى الهوى والغرام، وقوله: زعمت بأن .. الخ، قال ابن حبيب، يقول: زعمت أن الرجل يقرب أجله الفقر، فأمرتني بالإمساك. والمعتكر: المال