وأما زيادتها مع المفعول، فمنه ما أوردته آنفًا من قول الأنصاري:"فكفى بنا فضلاً" ومنه:
كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا
التقدير كفاك داء رؤيتك الموت. ومنه "كفى بجسمي نحولاً" لأن فاعل كفى: أن وما اتصل بها، واسبك لك من ذلك فاعلاً بما دل عليه الكلام من النفي بلم، وامتناع الشيء لوجود غيره بلولا، فالتقدير: كفى بجسمي نحولاً انتفاء رؤيتي، لولا وجود مخاطبتي، وانتصاب "نحولاً" على التفسير، والتفسير في هذا النحو للفاعل دون المفعول. "فوكيلا" تفسير لاسم الله تعالى، ونحولاً تفسير لانتفاء الرؤية، كما كان "فضلاً" في بيت الأنصاري تفسيرًا لحب النبي إياهم. فقد بان لك الفرق في الإعراب بين "كفى بجسمي نحولاً" و (كفى بالله وكيلاً) من حيث كان بالله فاعلاً، وبجسمي مفعولاً. وأما "رجل" من قوله: أنني رجل: فخبر موطئ إلى آخر ما ذكره، وننقله إن شاء الله تعالى في الباب السابع عند ذكر المصنف هذا البيت هناك أيضًا.
وأما ما نقله ابن أبي العافية من أن بعضهم جعل الباء في "بجسمي" زائدة في الفاعل، فوجهه: أنه يجعل "أنني" مجرورًا بلام مقدرة، والتقدير: حسب جسمي نحولاً لأنني رجل ... الخ، ونقل عن المعري أنه قال في شرح هذا البيت: نحولاً: مفعول ثان لكفى، وهو خطأ، فإنه يقتضي أن يكون كفى بمعنى وقى، وهو مفسد للمعنى.