أبلى الهوى أسفًا يوم النّوى بدني ... وفرّق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردّد في مثل الخلال إذا ... أطارت الرِّيح عنه الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحولاً ... البيت
قال الإمام الواحدي. يقال: بلي الثوب يبلى بلى، وأبلاه غيره إبلاء، والأسف: شدة الحزن، ومعنى، إبلاء الهوى البدن: إذهاب لحمه وقوته بما يورد عليه من شدائده، وخص يوم النوى؛ لأن برح الهوى إنما يشتد عند الفراق، والهوى عذب مع الوصال، سم مع الفراق، كما قال السري:
وأرى الصَّبابة أريًة ما لم يشب ... يومًا حلاوتها الفراق بصابه
وانتصب أسفًا على المصدر، ودل على فعله ما تقدمه؛ لأن إبلاء الهوى بدنه يدل على أسفه، كأنه قال: أسفت أسفًا، ويوم النوى: ظرف للإبلاء، ويجوز تعلقه بأسفًا، والمعنى: أدى الهوى بدني إلى الأسف والهزال يوم الفراق، وبدد هجر الحبيب بين جفني والنوم، أي: لم أجد بعده نومًا، وقوله: روح تردد .. الخ، يقول: لي روح تذهب وتجيء في بدن مثل الخلال في النحول والرقة، إذا أطارت الريح عنه الثوب الذي عليه لم يظهر ذلك البدن لرقته، أي: إنما يرى ما عليه من الثوب، وإذا ذهب عنه الثوب لم يظهر، ويجوز أن يكون معنى لم يبن: لم يفارق، أي: أن الريح تذهب بالبدن مع الثوب لخفته، ومثل الخلال: صفة لموصوف محذوف، وتقديره: في بدن مثل الخلال.
وأقرأني أبو الفضل:"في مثل الخيال" قال: أقرأني أبو بكر الشعراني