للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك، وإما فداء تفديها به منك، أو غير ذلك، فيكون المعنى قريبًا من الأول، إلا أنه ألين جانبًا منه، فالباء على هذا متعلقة بنفس المنع وفي صلته، ويجوز أن تكون معلقة أيضًا بنفس يستطاع بمعنى من المعاني، ويقدر عليه به. انتهى.

ولقد أجاد ابن الملا في الرد على الشمني حيث قال عند قول المصنف: بشيء ما يستطاع؛ أي: ومنعك إياها بشيء أي شيء كان مطاق، فليس الأولى أن لا يأتي بكلمه ما، كما قال المحشّي، أي: الشمني. وعلله بأنها تزاد مع كلمة شيء للدلالة على التقليل والتحقير، وليس المعنى على ذلك، لأن المخاطب ملك، ألا ترى أنه حياه بتحية الملوك؟ بل المعنى على التكثير أو التعظيم، وهو يستفاد منن تنكير شيء، أي: فلا حاجة إلى زيادة ما، بخلاف التقليل أو التحقير، أي: لو كان أحدهما مرادًا. وأنت خبير أن التنكير صالح لإفادة كل من التقليل والتحقير والتكثير والتعظيم، وكون الخطاب مع ملك لا يستلزم كون تنكير شيء للتعظيم لأن الشاعر متحمس على مخاطبه ولو ملكًا. وقد افتتح كلامه بالنهي عن الطمع في هذه الفرس، أي: أنهاك عن الطمع فيها، والحال أن منعك عنها بشيء حقير يستطاع، وإذا كان بالحقير يستطاع، فما الظن بغيره؟ ! ويجوز تعلقها بيستطاع، أي: ومنعك عنها متأت بشيء. انتهى كلام ابن الملا.

والبيت آخر أبيات أربعة أوردها أبو تمام في "الحماسة" لرجل من بني تميم، وطلب منه ملك من الملوك فرسًا يقال لها سكاب، فمنعه إياها:

أبيت اللَّعن إنَّ سكاب علق ... نفيس لا يعار ولا يباع

مفدّاة مكرَّمة علينا ... يجاع لها العيال ولا تجاع

سليلة سابقين تناجلاها ... إذا نسبا يضمَّهما الكراع

فلا تطمع أبيت اللَّعن فيها ... ومنعكها بشيءٍ يستطاع

<<  <  ج: ص:  >  >>