للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضاف إلى فاعل، فأقيم مقام الفعل، فبني وحذف المدغم فيه تخفيفًا، كما قلنا إن وضع الأسماء على التخفيف، وكذا بجلك، أي: اكتفاءك. يقال: أبجلني، أي: كفاني، إلا أن الضمير قد يحذف من بجل، بخلاف قد وقط، فمعنى قدك: اكتف، ومعنى قدني: لأكتف، ولم يصر حسب، وإن كان قريبًا منها في المعنى اسم فعل، بل هو معرب متصرف يقع مبتدأ وحالاً، ويجب نون الوقاية في قد وقط دون بجل. في الأعراف، لكونهما على حرفين دونه. انتهى كلامه. وهو غاية في الحسن، ومحصله: أن بجل إن اتصل به الكاف كان معناه: اكتف، أمر مخاطب، وإن لحقه الياء كان معناه: لأكتف؛ أمر متكلم نفسه، وكونها دالة على ما ذكره هو المتبادر الظاهر من موارد استعمالها والمطرد في كل موضع أتت فيه، وزعم بعضهم كالمصنف أنها بمعنى يكفي؛ فعلاً مضارعًا غائبًا، وهذا يحتاج إلى فاعل ظاهر، ولا يتيسر في بجلي، ولما رأوه كذلك اضطروا إلى جعله بمعنى حسب، وأثبتوا معنى ثانيًا لها، ولا ضرورة تدعو إليه مع أن حسبًا قريبة لمعنى يكفي، ولهذا لم يذكره الرضي حسمًا للانتشار من غير فائدة.

فإن قلت: إن علماء اللغة المتقدمين كابن دريد والأزهري والجوهري وغيرهم، إنما قالوا بجل بمعنى حسب، ولم يتعرضوا لمجيئها اسم فعل، فما وجهه؟

قلت: هو راجع إليه، وإنما عبروا بحسب لقرب المعنى تيسيرًا للفهم، وهم يتساهلون في تفسير بعض الألفاظ، ولما كان غرض النحويين متعلقًا بأحكام الكلمات دققوا النظر، فبينوا حقيقتها وفسروها بمعنى الفعل، وسموها اسم فعل، ولا يصح أن تكون موضوعة بمعنى حسب، لأن كلاً منهما لا يستعمل استعمال الآخر، أما حسب فإنها اسم معرب متصرف، يقع مبتدأ وخبرًا وحالاً ومجرورًا، وتدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>