ومعنى: بله الأكفَّ، على رواية نصب الأكف: إنك ترى الرؤوس بارزة من محالها بضرب السيوف، كأنها لم تخلق على الأبدان، فدع ذكر الأكف، فإن قطعها من الأيدي أهون بالنسبة إلى الرؤوس.
ومعناه على رواية الجر: أنك ترى تطاير الرؤوس عن الأبدان، فتركا لذكر الأكف، أي: فاترك ذكرها تركا، فإنها بالنسبة إلى الرؤوس سهلة، فبله كما قال أبو حيان وغيره: مصدر الترك النائب مناب اترك، وقد فات المصنف هذا القيد.
وروى أبو زيد القلب إذا كان مصدرًا، وهو قولهم: بهل زيد. وإنما قلنا بمصدريته إذا انجر ما بعده لأن اسم الفعل لا يضاف، وإذا انجر ما بعد بله بالإضافة؛ فقال أبو عبيد في "الإيضاح": ومن قال: بله، يريد جعله مصدرًا مضافًا إلى المفعول به كـ "ضرب الرقاب". ونقل عنه أبو حيان أنه مضاف إلى الفاعل ورده، وما أدري في أي كتاب قاله أبو علي، والله تعالى أعلم.
وحكى أبو زيد أن من العرب من يدخل عليه "من" يقول: إن فلانًا لا يقدر أن يحمل الفهر، فمن بله أن يأتي بالصخرة. يريد: فكيف يطيق أن يحمل الصخرة! ؟ وهي هنا مصدر، لأن حرف الجر لا يدخل على اسم الفعل. ويدل على أنها تكون مصدرًا أن أبا عمرو الشيباني حكى: ما بلهك كذا، أي: ما لك كذا.
وقال أبو زيد: إن بعض العرب يقول: من بهل أن يحمل الصخرة، فقلب. فدخول من، والقلب والرفع، يدل على أنها مصدر، إذ اسم الفعل لا يدخل عليه عوامل الجر ولا يعرب، فنصبها حال كونها اسم فعل، غير نصبها حين كونها مضافة، فالأول بناء ككيف، والثاني: إعراب كضرب.