ومعناه على رواية الرفع: إنك ترى الهامات ضاحية عن الأبدان، فكيف الأكف لا تكون ضاحية عن الأيدي! يعني: إذا جعلت السيوف الأبدان بلا رؤوس، فلا عجب أن تترك الأيدي بلا أكف.
وقول المصنف: وإنكار أبي علي أن يرتفع ما بعدها مردود، كذا قال أبو حيان في "الارتشاف" في باب الاستثناء وقال في باب اسم الفعل من شرح "التسهيل": وحكى الفارسي في "حلبياته" عن قطرب، وفي غيرها عن أبي الحسن أنهما أجازا رفع ما بعدها على أن تكون بمعنى كيف، فتقول: بله زيد، وهذا غير محفوظ في كلامهم، ولا سبيل إلى إجازته بالقياس. انتهى. وهذا خلاف ما نقله المحقق، قال: حكى أبو علي عن الأخفش أنه يجيء بمعنى كيف. انتهى.
وقد بسطنا الكلام على هذا البيت في الشاهد السادس والخمسين بعد الأربعمائة من شواهد الرضي، وأشبعنا الكلام على حديث البخاري الذي أورده المصنف في شرح الشاهد السابع والخمسين من تلك الشواهد.
والبيت من قصيدة لكعب بن مالك شاعر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، قالها في وقعة الأحزاب، ونقلها أصحاب المغازي والسير، وهي هذه:
من سرَّة ضربٌ يرعبل بعضه ... بعضًا كمعمعة الأباء المحرق
فليأت مأسدةً تسنُّ سيوفها ... بين المذاد وبين جزع الخندق
دربوا بضرب المعلمين فأسلموا ... مهجات أنفسهم لربِّ المشرق
في عصبةٍ نصر الإله نبيَّه ... بهم وكان بعبده ذا مرفق