له لم يقل في "نعم": إنها تكون اسماً، وهي واحدة الأنعام، وفي "إلى": إنها تكون اسماً بمعنى النعمة، واحدة الآلاء؟ ! انتهى.
على أنه ذكر جلل الحرفية غير لازم، فإنها في غاية الشذوذ، حتى إنها ليست موجودة في أمهات كتب اللغة المدونة لجمع المستعمل والوحشي والغريب والنادر والشاذ، "كالجمهرة" لابن دريد و "التهذيب" للأزهري و "المحكم" لابن سيدة و "الصحاح" للجوهري و"العباب" للصاغاني، و"القاموس" لمجد الدين، و "لسان العرب" لابن مكرم، وغيرها ككتب النوادر، منها "نوادر أبي زيد" و "نوادر القالي" و "نوادر ابن الأعرابي" وغيرها؛ فشيء لم يذكر في هذه الكتب، ولا له شاهد في كلام العرب فأي مسيس حاجة إلى ذكره، وإنما هو قول انفرد به الزجاج، وكل من ذكرها إنما نقلها منه.
ولقد أفرط صاحب "رصف المباني" في قوله: إنّ "جلل" ليس لها في كلام العرب إلا معنى الجواب خاصة، يقول القائل: هل قام زيد؟ فتقول في الجواب: جلل، ومعناها: نعم حكى ذلك الزجاج في كتاب "الشجرة". انتهى. وهذا شيء يكذبه الحسّ والتنقير.
والبيتان من قصدية للحارث بن وعلة الذهلي، أورد أبو تمام منها سبعة أبيات في "حماسته" وأميم: منادى مرخم أصله: يا أميمة، وكانت تحرضه على أخذ الثأر، وتلومه على تركه، فاعتذر في ذلك بما قاله. قال الخطيب التبريزي في شرحها: يقول: قومي هم الذين فجعوني بأخي، فإذا رمت الانتصار منهم عاد ذلك بالنكاية في نفسي، لأن عزّ الرّجل بعشيرته، وهذا الكلام تحزن وتفجع، وليس بإخبار، وعفوت عن الذنب: إذا صفحت عنه، يقول: إن تركت طلب الانتقام صفحت عن أمر عظيم، وإن انتقمت منهم أوهنت عظمي، والسطو: الأخذ بعنف، والجلل من الأضداد، يكون الصغير والعظيم، وهو المراد هنا.