للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير مما كنت تلابسه بغباوتك، وقرب منك التحول من دار الفناء إلى دار البقاء، وقد كانت أيام الشباب طيبة الممر خفيفة المستقر، وايام الشيب البادي كريهة الظهور ثقيلة الأعباء والحمول، فعليك بما يجمع لك إلى الحمد ذخراً، وإلى ثناء الناس وشكرهم أجراً، وأعلم أن البذل مما يفضل عنك ليس بسماحة، إنما الجود أن تعطي من قليلك، وتنفق من كفايتك. وقوله: وما لديك قليل، يجوز أن يريد: والذي لديك، ويكون "ما" مبتدأ، ولديك صلته، وقليل خيره، ويجوز أن تكون "ما" نافية، وقليل، اسمه، ولديك، خبره. والمعنى: حتى تجود بكل شيء لك، فلا يبقى قليله أيضاً. انتهى. وتبعه التبريزي والطبرسي.

قال ابن قتيبة في كتاب "الشعراء": المقنع الكندي هو محمد بن عمير، وكان من أجمل الناس وجهاً، وأمدهم قامة، وكان إذا سفر عن وجهه لقع، أي: أصيب بالعين، فكان يتقنع دهره، فسمي: المقنع، وهو القائل:

ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هم ... دعوني إلى نصر أتيتم شدَّا

إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

يعيِّرني بالدَّين قومي وإنَّما ... ديوني في أشياء تكسبهم حمدا

انتهى. وفي البيت الأخير دليل على جواز: عيرته بكذا، والمشهور: عيرته كذا؛ وزاد صاحب "الأغاني": وهو شاعر مقل من شعراء الدولة: الأموية، وكان له محل كبر وشرف وسودد في كنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>