انتهى كلامه. وإليه ذهب ابن خلف في "شرح شواهد سيبويه" عند قوله: والزاد حتى نلعه ألقاها .. البيت المتقدم، قال: نعله فيمن رفع: مبتدأ، وألقاها: خبره، وتكون الجملة معطفوة على الجملة المتقدمة، ورده المصنف بأن شرط معطوفها أن يكون جزءًا مما قبلها أو كجزء، ولا يتأتى ذلك إلا في المفردات، واعترضه الدماميني بأنه يجوز في بعض الجمل أن يكون مضمون إحداها بعضًا من مضمون أخرى، كما تقول: أكرمت زيدًا بما أقدر عليه، حتى أقمت نفسي خادمًا له، فإقامة نفسك خادمًا بعض من الإكرام بما تقدر عليه، وكذا قولك: بخل علي زيد بكل شيء حتى منعمي دانقًا، فمنع الدائنق بعض من البخل بكل شيء، وقد نص علماء المعاني على أن الجملة الثانية تنزل منزلة البعض من الأولى، كقوله تعالى:(أمدّكم بما تعلمون أمّكم بأنعام وبنين)[الشعراء/١٣٢ و ١٣٣]. انتهى.
وأنشده سيبويه في موضعين من "كتابه" الأول على أن ما بعد حتى الثانية مرفوع، يعني أن حتى ابتدائية، والموضع الثاني "باب اسم الجمع" أنشده كذا: "سريت بهم حتى تكل ركابهم" وفي الموضع الأول رواه: "حتى تكل مطيهم".
والبيت من قصيدة لامرئ القيس، قالها عندما تشقق لحمه من الحلة المسمومة التي أرسلها قيصر إليه، فلبسها بعد خروجه من الحمام، ومطلعها:
قفانبك من ذكرى حبيب وعرفان ... ورسم عفت آياته منذ أزمان
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه ... فليس على شيء سواه بخزَّان
فإمَّا تريني في رحالة جابر ... على حرج كالقرِّ يخفق أكفاني