للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن حتى فيه ابتدائية، قال سيبويه في "باب حتى": ويدلك على حتى أنها من حروف الابتداء أنك تقول: حتى أنه ليفعل ذاك، كما تقول: فإذا إنه يفعل ذاك، ومثل ذلك قول حسان بن ثابت:

يغشون حتَّى لا تهرُّ كلابهم ... البيت

قال أبو علي في "تعليقته" على الكتاب: يعني: لو كانت الجارة للاسم لوجب أن تفتح إن بعدها، لأن تلك لا تدخل إلا على اسم وأن مع صلته اسم، انتهى.

وقال: وارتفع الفعل بعد حتى من حيث ارتفع الاسم، لأن حتى لو كانت الجارة ولم تكن التي هي بمنزلة حرف من حروف الابتداء، لا نتصب الفعل بعدها كما ينجر الاسم بعدها ولم يرتفع، انتهى.

وقال في "تذكرته" بعد أن أنشد هذا البيت:

اعلم أن يغشون للحال الماضية، أعني أنه حكاية لما مضى من الحال، كما كان قوله تعالى {وإنَّ ليحكم بينهم يوم القيمة} [النحل/١٢٤] حكاية لما يأتي من الحال، وكذلك {إنّا مرسلوا الناقة} [القمر/٢٧] حكاية لما مضى من الحال، ولولا تقديرك له بالحال ما صح الرفع، لأن الرفع لا يكون إلا والفعل واقع، ويغشون لا يكون إلا للحال أو للآتي، فلو قدرته للآتي لم يصح الرفع، إذا كان لا يكون الرفع إلا وما قبله واقع والآتي لا يكون واقعًا، فثبت أن يغشون للحال إذا كانت الحال واقعة، كأنه قال: من عاتهم أنهم يغشون حتى لا تهر كلابهم، أي: لا يزالون يغشون، انتهى.

وقوله: فلو قدرته للآتي لم يصح الرفع، أي: رفع الفعل الذي بعد حتى، وهو: نهر، والمراد في البيت: يغشون كثيرًا حتى ما تهر، لأن عدم الهرير

<<  <  ج: ص:  >  >>