كثرة الغشيان إليهم؟ ونزل منزلة الفعل اللازم، لأن المعنى: لا يصدر منهم سؤال، ولهذا لم يقدر له مفعول، لأنه لم يتعلق به غرض، وكذا بنى يغشون على المجهول، ولم يذكر الفاعل، لأنه لم يتعلق به غرض، وإنما المراد الإخبار عن كثرة تردد القاصدين إليهم.
وقد أخذ المصراع الأول داود بن سلم في مدحه حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية، روى الأصبهاني في "الأغاني" عن ابن يونس أن دواد بن سلم خرج إلى حرب بن خالد المذكور، فلما نزل به حط غلمانه متاع دواد بن سلم، وخلوا عن راحلته، فلما دخل عليه قال:
ولّما دفعت لأبوابهم ... ولا قيت حربًا لقيت النَّجاحا
رأيناه يحمده المجتدون ... ويأبي على العسر إلّا سماحا
ويغشون حتَّى ترى كلبهم ... يهاب الهرير وينسى النُّباحا
قال: فأجازه بجائزة عظيمة، ثم أستأذنه في الخروج فإذن له، فأعطاه ألف دينار، فلم يعنه أحد من غلمانه، فظن أن حربًا ساخط عليه، فرجع فأخبره بما رأى، فقال له: سلهم لم فعلوا بك [ذلك]؟ فسألهم، فقالوا: إنا ننزل من جاءنا، ولا نرحل من خرج عنا، فسمع الغاضري حديثه، فأتاه فقال له: أنا يهودي إن لم يكن الذي قال لك الغلمان أحسن من شعرك!
وداود بن سلم: مولى بني تيم بن مرة، وهو مخضرم من شعراء الدولتين الأموية والعباسية، وكان أقبح الناس وجهًا، وكان من ساكني المدينة المنورة، انتهى.
البيت من قصيدة لحسان مدح بها آل جفنة ملوك الشام، وهذه أبيات منها بعد المطلع بثلاثة أبيات: