وقد يجوز أن تجعل الظروف أسماء في الشعر؛ فالقول: إن ذلك قد جاء اسمًا في غير الشعر نحو ما حكيناه عن قطرب، وقد حكى أحمد بن يحيى عن بعض أصحابه أنهم قالوا: هي أحسن الناس حيث نظر الناظر، يعني الوجه. انتهى. قال أبو حيان في "تذكرته" بعد إنشاد هذا البيت عن أبي علي: حيث: اسم كأن، وحقفا: الخبر، وهذا يؤذن بجواز استعمال حيث مبدأ، فيقال: حيث نجلس طيب، وحيث نجلس نقوم، أي: مكان جلوسك مكان قيامنا. انتهى.
والمصراع من معلقة زهير بن أبي سلمى، وقبله:
لعمري لنعم الحيُّ جرَّ عليهم ... بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم
وكان طوى كشحًا على مستكنَّة ... فلا هو أبداها ولم يتقدَّم
وقال سأقضي حاجتي ثمَّ أتّقي ... عدوّي بألف من ورائي ملجم
فشدَّ ولم تفزع بيوت كثيرة ... لدى حيث ألقت رحلها أمُّ قشعم
لدى أسد شاكي السّلاح مقذَف ... له لبد أظفاره لم تقلَّم
أراد بالحي: حي مرة من بني ذبيان، وجر: فعل ماض من الجريرة، وهي الجناية، ويواتيهم: يوافقهم، وحصين بن ضمضم: ابن عن النابغة الذبياني، وكانت جنايته أنه لما اصطلحت قبيلة ذبيان مع قبيلة عبس، امتنع حصين هذا من الصلح، واستتر من القبيلتين، لأن ورد بن حابس العبسي كان قتل هرم بن ضمضم، وهو أخو حصين، فحلف حصين لا يغسل رأسه حتى يقتل وردًا أو رجلًا منهم، ثم أقبل رجل من بني عبس، فنزل بحصين بن ضمضم، فلما علم أنه عبس قتله، فكاد الصلح ينتقض، فسعى بالصلح، وتحمل الدية الحارث بن عوف وهرم بن سنان