تتمة: قال المصنف بعد إنشاد المصراع: والكسائي يقيسه. قال الدماميني في "المزج": ويمكن أن يخرَّج عليه قول الفقهاء: من حيث أن كذا، بفتح همزة أن، والأولى عندي أن يخرج على أن حيث مضافة إلى الجملة على الجادّة، وأن ومعمولاها بتأويل مصدر هو مبتدأ تلك الجملة، والخبر محذوف، وحذف خبر المبتدأ بعد حيث غير عزيز، هذا كلامه.
وأقول: لم يسمع في كلام العرب إضافة حيث إلى الجملة المصدرة بأن، وقد سأل بعضهم عن هذه المسألة الإمام العلامة تاج الدين أيا اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي البغدادي نزيل الشام، فقال: هل يجوز أن تلي "حيث" إن المكسورة، أو أنّ المفتوحة؟ وهل ورد في أشعار العرب وقوع إنّ وأنّ بعدها، أو ذكر علماء العربية ذلك في كتبهم أو لا؟ ولمَ وجب إضافتها إلى الجملة، وهي ظرف مكان، وظروف المكان لا تضاف إلا إلى المفرد؟ فأجاب بقوله: هذه المسألة لم يرد فيها نص عن علماء العربية من طريق الرواية، ولا تضمنتها كتبهم المطولة ولا المختصرة، ولا وردت أشعار العرب البتة فيما علمته وسمعته، على أن أبا علي الفارسي ذكر حيث في باب مفرد لها من كتابه المسمى "كتاب الشعر في أبيات الإعراب المسوقة على كتاب الإيضاح" ولم يعرض لإضافتها إلى إن المكسورة، ولا إلى المفتوحة البتة، ولو أن من ينكر جواز إيلائها "أن" يستدلُّ بعدم ورودها في كلامهم وأشعارهم، وأنها لو كانت جائزة لم يخل السماع منها؛ لكان ذلك وجهًا واضحًا ودليلًا كافيًا، وسأذكر فيها ما هو متعلق بها، وخاص بالسؤال عنها من غير خروج إلى ذكر شيء من بقية وجوهها المذكورة، لئلا يتشعب الكلام إلى غير جواب السؤال: