أما وجوب إضافتها إلى الجملة، وهي ظرف مكان على خلاف ما هو الواجب لها ولأمثالها من ظروف المكان؛ فلأنهم لما شبوها بحين، ألزموها الإضافة إلى الجملة البتة، ولم يضيفوها إلى المفرد تارة وإلى الجملة أخرى كيوم وليلة ونحوهما، لأنهم أرادوا توكيد هذا المعنى وتمكينه فيها، ولو أضافوها تارة إلى الجملة، وأخرى إلى المفرد، مع ما ذكرنا من كونها ظرف مكان، ومن شرط ظروف المكان أن لا تضاف إلى الجملة؛ لقلَّ تمكنها في الإضافة، ولجاز أن لا يعرف في أكثر الأحوال حال إضافتها إليها، لما ذكرنا من كونها ظرف مكان، ولكن لما عرض فيها ما ذكرنا، احتاطوا لها في تمكين هذا المعنى فيها، بأن اقتصروا بها على الإضافة إلى الجملة البتة، ليقوى العلم بما آثروه فيها من مشابهتها في ذلك لحين، ويكثر اللفظ بها مضافة إلى الجملة، ليتحقق الداخل بالعرض والتشبيه فيها، ولهذا قال أبو علي: وقد زعم الأخفش أن حيث قد تكون اسمًا للزمان، وأنشد:
للفتى عقل يعيش به ... حيث تهدي ساقه قدمه
فجعل حيث حينًا. انتهى كلامه. وليس ذلك إلا لقوة شبه "حيث" بحين، فهذا وجه لزومها ما ليس لها بحق الأصل، ولا لأمثالها، وخروجها عن قياس نظائرها. ولمّا لم يجز في حين ولا في نظائرها المضافة إلى الجملة أن تليها "أن" وكانت حيث بمشابهتها لها قد نقلت من أصلها إليها، وأعطيت حكمها؛ وجب أن لا يجوز إيلاؤها أن البتة حملًا لها عليها. واعلم أن إضافة حيث إلى الجملتين