على أن خلا إذا تقدمها ما المصدرية وجب نصب المستثنى بها. قال أبو حيان في "شرح التسهيل": وأجاز الكسائي والجومي وأبو علي في "كتاب الشعر" والرَّبعي الجر بعد ما خلا وما عدا، فعلى قولهم تكون ما زائدة، وخلا وعدا حرفا جر. قال بعض أصحابنا: النصب هو الكثير الشائع، والجرمي يخفض، فإن كان ذلك منه قياسًا فهو فاسد، لأنه ليس من مواضع زيادتها، وإن كان حكي ذلك فهو شذوذ. انتهى. والجرمي حكاه عن العرب، ذكر ذلك في باب الجر من كتاب "الفرح" فإن قلت: هلا جعلت ما زائدة مع النصب، كما جعلتها زائدة مع الخفض؛ فالجواب إن دخول ما المصدرية على الفعل منقاس، وزيادة ما قبل الفعل لا ينقاس، فكان حملها على ما ينقاس أولى. إلى هنا كلام أبي حيان.
والبيت من قصيدة للبيد بن ربيعة الصحابي، رثى بها النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وهذه أبيات من أولها:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيُقضى أم ضلال وباطل
حبائله مبثوثة في سبيله ... ويفنى إذا ما أخطأته الحبائل
إذا المرء أسرى ليلة خال أنَّه ... قضى عملًا والمرء ما عاش عامل
فقولا له إن كان يقسم أمره ... ألَّما يعظك الدَّهر أمُّك هابل
فتعلم أن لا أنت مدرك ما مضى ... ولا أنت مّما تحذر النَّفس وائل
فإن أنت لم تصدُقك نفسك فانتسب ... لعلَّك تهديك القرون الأوائل