يريد أن الجمع موضوع للتقليل، وهي هنا تقتضي التكثير، لأن ذلك أمدح وأدل على الجرأة. قال: ولا تكون "ما" ههنا إلا كافة. انتهى. والبيت من أبيات لجذيمة الأبرش ملك الحيرة. قال الآمدي في "المؤتلف والمختلف": جذيمة الأبرش الملك كان شاعرًا وكان أبوه مالك بن فهم ملكًا على العرب بالعراق عشرين سنة، وكان يقال لجذيمة: الوضاح، لبرص كان به وملك بعد أبيه ستين سنة، وكان ينزل الأنبار، وهو القائل:
ربّما أوفيت في علمٍ ... ترفعن ثوبي شمالات
في فتوٍّ أنا كالئهم ... في بلايا عورة باتوا
ثم أبنا غانمين معًا ... وأناس بعدنا ماتوا
ليت شعري ما أماتهم ... نحن أدلجنا وهو باتوا
في أبيات، ولجذيمة في "كتاب الأزد" أشعار. انتهى. وصف سرية أسرى بها، أو انقطاعًا عرض له من جيشه في بعض مغازيه، فكان ربيئة لهم، ولم يكل ذلك إلى أحد، أخذًا بالحزم والثقة.
قال الأعلم: وصف أنه يحفظ أصحابه في رأس جبل إذا خافوا من عدو، فيكون طليعة لهم، والعرب تفخر بهذا، لأنه دال على شهامة النفس وحدة النظر. والعلم: الجبل، والشمالات: جمع الشمال من الرياح، وخصها لأنها تهب بشدة في أكثر أحوالها، وجعلها ترفع ثوبه لإشراف المرقبة التي يربا فيها لأصحابه. انتهى كلامه.