إذن فعاقبني ربي معاقبةً ... قرت بها عين من يأتيك بالحسد
هذا لأبرأ من قولٍ قذفت به ... طارت نوافده حرًا على كبدي
وهذا من قصيدة مدح بها النعمان بن المنذر ملك الحيرة, وتتصل بها عما قذفوه به حتى خافه, وهرب منه إلى بني جفنة ملوك الشام, وهي من القصائد الاعتذاريات, ولحسنها ألحقها أبو جعفر النحاس والخطيب التبريزي وغيرهما بالمعلقات البيع ..
وكان النابغة من خواص النعمان بن المنذر وندمائه وأهل أنه, فرأى المتجردة زوجة النعمان يومًا, وغشيها أمر, سقط نصيفها, وهو ما تغطي به رأسها, فاستترت بيدها وذراعها, فذكرها في قصيدة ووصفها, وذكر فيها أمورًا عجيبة منها في صفة فرجها, ثم أنشدها النابغة مرة بن سعيد القريعي, فأنشدها مرة النعمان, فامتلأ غضبًا وأوعد النابغة وتهدده, فهرب منه إلى ملوك غسان بالشام, وهم بنو جفنة. وقيل: إن الذي من أجله هرب النابغة أنه كان هو والمنخل اليشكري نديمين للنعمان, وكان النعمان دميمًا قبيح المنظر, وكان المنخل من أجمل العرب, وكان يرمى بالمتجردة, وتكلمت العرب أن ابني النعمان منها كانا منه, فقال النعمان للنابغة: يا أبا أمامة: صف المتجردة في شعرك, فقال تلك القصيدة, وصف فيها بطنها وفرجها وأردافها, فلحقت المنخل من ذلك غيرة, فقال للنعمان: ما يستطيع أن يقول هذا الشعر إلا من جرب! فوقر ذلك في نفس النعمان, فبلغ النابغة فخافه, فهرب إلى ملوك غسان, ونزل بعمرو ابن الحارث الأصفر, فمدحه ومدح أخاه, ولم يزل مقيمًا عنده حتى مات, وملك أخوه النعمان بن الحارث فصار معه إلى أن استعطف النعمان بن المنذر فعاد إليه.