وقال ابن يعيش: للتصغير معان ثلاثة: تحقير ما يتوهم أنه عظيم كرجيل، وتقليل ما يتوهم أنه كثير كدريهمات، وتقريب ما يجوز أن يتوهم أنه بعيد، كبعيد العصر وقبيل الفجر، وأضاف الكوفيون تصغير التعظيم، كقوله: دويهية تصفر منها الأنامل، والمراد تعظيم، إذ لا داهية أعظم من الموت، وقال الآخر: فويق جبيل ... البيت، قال: جبيل، ثم قال: شاهق الرأس، وهو العالي، فدل على أنه أراد تفخيم شأنه، وهذا ليس من أصول البصريين، وجميع ما ذكروه راجع إلى معنى التحقير فأما قولهم: دويهية، فالمراد أن أصغر الأشياء قد يفسد الأمور العظام، فحتف النفوس قد يكون بصغير الأمر الذي لا يؤبه له، وأما: فويق جبيل، فالمراد أنه صغير العرض دقيق الرأس شاق المصعد، لطوله وعلوه، انتهى، وكذا قال ابن السكيت في شرح البيت، قال: يقول: هو صغير العرض ذاهب في السماء، وهو أشد لصعوده، ويروى: سامق الرأس، وشاهق الرأس، وشامخ الرأس، والجميع واحد، انتهى.
والبيت في وصف نبعة قوس، من قصيدة ذكر فيها انواع سلاحه، قال بعد ستة أبيات من أولها:
وإنِّي امرؤ أعددت للحرب بعد ما ... رأيت لها نابًا من الشَّرِّ أعصلا