للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قولهم: الحجاج عمل بعمل يستوجب النار، على أنه لا ييأس من رحمة الله. قال: فو الله لا أنسى قتيلاً رزئته ... البيتين، يريد: تنسى الرزايا البعيدة ويعفو أثرها، ولا تنسى القريبة العهد، لصدمة النكاية، وقرب العهد يمنع النسيان. وقال:

فتىً فيه ما يسرُّ صديقه ... على أنَّ فيه ما يسوء الأعاديا

وقال: بكل تداوينا ... البيتين، وهذا من باب دخول الاستدراك على الاستدراك.

نكتة: "على" في قوله: على أن قرب الدار، منعلق بقوله: "بكل تداوينا فلم يشف ما بنا" وهي كتعلق على في قوله: "على أن فيه ما يسوء الأعاديا" بقوله: فتى تم فيه .. الخ، وسموه: إكمالاً، وإلا لو اكتفى بالشطر الأول لاحتمل سروره الصديق عن حلم وكرم، واحتمل عن عجز وذلة، فلما قال: على أن فيه ما يسوء الأعاديا؛ نفى الاحتمالين اللاحقين، وكذلك لو اكتفى بالاستدراك الأول لما تم مقصوده، فلذلك أدخل الاستدراك الثاني لبيان تمام مقصود، فأورد "على" على "على" فكأنه قال: لا يمكن مداوينا أن يشفينا إلا بقرب الدار، ولا يحصل الفاء بقربها إلا مع إبداء الود والمصافة. انتهي. ومن خطة نقلت، وكتب في آخره: تم على يد مؤلفه محمد العيزري في سلخ ذي الحجة الحرام، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وهذه مسبة إلي العيزرية، وهي قوية بالجانب الشرقي من بيت المقدس، بها قبر سيدنا عازر نبي الله عليه السلام.

ولم يصب في إدخال "على" التي بمعنى "مع" في "على" التي للإضراب عما قبلها، ولقد أجاد ابن وحيي هنا قال: ولا تظن أن "على" هذه هي التي

<<  <  ج: ص:  >  >>