والبيتان آخر أبيات لابن الدمينة أوردها أبو تمام في "الحماسة" وهي:
ألا ياصبا نجدٍ متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجداً على وجد
أأن هتفت ورقاء في رونق الضُّحى ... على فنن غضِّ النَّبات من الرنَّد
بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن ... جليداً وأبديت الذي لم تكن تبدي
وقد زعموا أنَّ المحبَّ إذا دنا ... يملُّ وأنَّ النّأي يسلي من الوجد
بكلٍّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... البيتين
قوله: ألا ياصبا نجد؛ العشاق يخاطبون الريح والبرق إذا كانا من نحو أرض المحبوب، وقوله: أأن هتفت: بفتح الهمزة في تأويل مصدر مجرور بلام العلة لبكيت، والاستفهام للتقرير، وهتفت: صاحت، والورقاء: الحمامة البرية، والرند: شجر طيَّب من أشجار البادية، والوليد: الصبي الصغير، والجليد: الذي له جلادة وتحمل، يقول: أتبكي بكاء الصغير لأجل أن هتفت حمامة فهيَّحت أحزانك؛ ويمل، بفتحتين: مضارع مللته ومللت منه مللاً، من باب تعب: إذا سئمت منه وضجرت، ويشف: بالبناء للفاعل، ويجوز بالبناء للمفعول، وروي:"يشفي" بدل "يسلي"، قال المرزوقي: يقول: زعم الناس أن الاستكثار من زيادة المحبوب، والتداني منه، يكسب المحب ملالاً، وأن الاستقال من زيارته، والتنأئي