فالجواب: لم يعدل سواك بك، أنك ناصره، كما تقول: ما أعدل سواك بأخ كريم، وأنت تخاطب رجلًا، أي: أنت الأخ الكريم. وقال بعضهم في قول حسّان:
أتانا فلم نعدل سواه بغيره ... نبيٌّ بدا في ظلمة اللَّيل هاديا
فيقال: كيف قال: لم نعدل سواه بغيره، وسواه غيره، فكأنه قال: لم نعدل غيره يغيره، فما هذا من مدح النبي صلى الله عليه وسلم، والإخبار بطاعته؟ فالجواب: إنه أراد: إنا لم نعدل سواه بغير سواه، لأنَّ الهاء التي في "غيره" مردودة على سواه، فكأنه قال: لم نعدل سواه بغير السوى، وغير السوى هو النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: لم نعدل سواه به، ويقال للعدل: سواء وسوى بالكسر، وسوى بالضم، قال زهير:
أروني خطَّةً لا ضم فيها ... يسوِّي بيننا فيها السَّواء
فإن ترك السَّواء فليس بيني ... وبينكم بني حصنٍ سواء
يريد بالسواء العدل، كذلك يقول أهل اللغة وهو الحق، وهو من استواء الشيء. انتهى كلام العسكري. وقد أورد ابن السكيت كلمة سوى في كتاب "الأضداد" فقال: وقال غير الأصمعي: سواء الشيء غيره، وسواء الشيء نفسه، قال الأعشى:
تزاور عن جوِّ اليمامة ناقتي ... وما عدلت عن أهلها بسوائكا
أراد: وما عدلت عن أهلها بك، حكى هذا الحرف أبو عبيد انتهى.
ونقل السيوطي عن ابن مالك أنه خرجه في شرح منظومته المسماة "تحفة المودود في المقصور والممدود" بقوله: سوى الشيء: نفس الشيء، ذكره الأزهري، ومنه