أنهم قالوا: إن تأتني فأنت محسن، ومحال أن تقول: إن تأتني وأنت محسن، فرضوا بالفاء جوابًا في الجزاء، ولم تصلح الواو. انتهى كلام الفرّاء، وفيه فوائد، منها: قوله: هي حسنة ما قرنها فقدمها، وبه يرد على الدماميني في قوله: على ما قرنًا إلى قدم، كون أصله: ما بين قرن، دعوى لا دليل عليها، ويجوز أن تكون ما زائدة، وقرنًا تمييز، أو منصوب على نزع الخافض. انتهى. ولها ضابط سقوط "بين". وقال أبو حيان في "تذكرته": إذا أتيت ببين صلة لـ"ما" فقلت: أعجبني ما بينكما، فسقوطها جائز على ثلاثة معان: أن لا تنوي ما، وتقضي على "بين" بالرفع، ولفظها منصوب، ومنها أن ترفع بين بالفعل وتعطى حقّ الأسماء، ومنها أن تقرَّ على ما كانت عليه مع ما، وما بمنزلة المظهرة، فتضمر "ما" ولا تضمر الذي، وما شاكلت المحل بأنَّها تكون وقتًا ومحلًا، وكونها وقتًا في قولهم: لا أكلمك ما دام للزيت عاصر، وما موضوعة في موضع أبدًا، وانتصابها فيه كانتصاب: لا أكلمك القارظ العنزيّ. ومجيئها محلًا في قولهم: جلس ما بين الدارين، واستوى ما بين المنزلتين، وأقام ما بين المسجدين، فلما أتت ما محلًا، أي: ظرفًا ووقتًا، ضارعت المحل الذي بعدها، فكفى منها، واختصت "بين" بالنيابة عن ما، لأنَّ "ما" يكون شرطًا، وبين يشرط بها في قيلهم: بين ما أنصفني ظلمني، وبين ما اتصل بي قطعني، وأمَّا "الذي" فلا يعرف له ذلك، ولا تستعمل فيه. ولـ"ما" معنى ثالث هو الجزاء في أصل البنية، وإفرادها على لفظ الذي، وذلك قول العرب: مطرنا ما زبالة، فالثعلبية، فزرود، حكاه الكسائي عن العرب، ومعناه: مطرنا ما بين زبالة إلى الثعلبية، فنابت زبالة عن بين، وجعل نصب بين فيها، ونسقت الثعلبية فزرود عليها، ونصبت "ما" بمطرنا على أنَّ لفظها الذي، ولزمت الفاء مكان إلى، ولم يصلح مكانها واو، ولا ثم، ولا أو، ولا "لا" لأنها تحفظ تأويل الجزاء، وتجري في هذا الكلام مجراها في إن زرتني فأنت محسن، لا يجوز "وأنت" لأنه لا يواصل الشرط إلَّا بالفاء، إذ كانت تفعل ذلك في "ضربته فبكى" وأصل الكلام: إن اتصل المطر إلى