للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "جلَّله" ليس بشيء انتهى. ثم قال ابن الشجري: والكلي: الصاروج، وهو الجيّار أيضًاـ وذراه: أعاليه، والحضر: مدينة بين دجلة والفرات بحيال تكريت، شاهدت بقاياها ودخلتها، وقيل: إنَّ الذي بناها الضيزن بن معاوية بن العبيد بن الأجراو بن عمرو بن النخع بن سليح بن حلوان بن الحاف بم قضاعة، وكان ملك الجزيرة، ومعه من بني العبيد بن الأجرام قبائل قضاعة ما لا يحصى، ونال ملكه الشام، وأغار على طرف من بلاد العجم على عهد سابور ذي الأكناف، وفتح مدينة من مدنهم، وقتل من الأعاجم اعدادًا، ثمَّ إن سابور جمع لهم، وسار إليهم فأقام على الحضر أربع سنين، وإن النضيرة بنت الضيزن رآها سابور وراته، فعشقها وعشقته، وكانا من أجمل أهل زمنهما، فأرسلت إليه: ما الذي تجعل لي إن دللتك على عورة المدينة؟ فقال: أجعل لك حكمك، وأرفعك على نسائي، وأخصّك بنفسي دونهنَّ، فدلته على قنوات كان يجري الماء فيها من دجلة إلى المدينة. فقطع الماء عنهم، وفتحها عنوة، وقتل الضيزن، وأباد بني العبيد، وأصيبت قبائل من حلوان بن الحاف فانقرضوا. وهدم سابور المدينة، واحتمل النضيرة بنت الضيزن، فأعرس بها في عين التمر، فلم تزل ليلتها تتضور من خشونة فراشها، وهو من حرير محشو بقزّ، فالتمس ما يؤذيها، فإذا ورقة آس ملتزقة بعكنة من عكنها قد أثرت فيها، فقال لها سابور: ويحك! بأي شيء كان يغدوك أبوك؟ قالت: بالزبد والمخ، وشهد الأبكار من النحل، وصفوة الخمر، فقال لها: غذَّاك بهذا ثمَّ لم تصلحي له، فكيف بك أن تصلحي لي وأنا واترك؟ ! وأمر رجلًا فركب فرسًا جموحًا، وعصب غدائرها بذنبه، ثمَّ استركضه فقطعها. وقيل: إنَّ صاحب الحضر هو الساطرون ابن أسطيرون، وكان ملك السريانيّين، وكان من رستاق من رساتيق الموصل يقال له باجرمي، وشاهد هذا القول قول أبي داود الإيادي:

<<  <  ج: ص:  >  >>