للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة سهيل في النجوم، يعرضها ولا يجري معها مجراها، وكذلك أمية بن أبي الصلت، ومثلهما من الإسلاميين الكميت والطرماح، وكان سبب نزول آل عدي الحيرة أن جدّة أيوب، وهو من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، وهو أوَّل من سمي من العرب أيوب، كان منزله اليمامة، فأصاب دمًا في قومه، فهرب إلى أوس بن قلاَّم، أحد بني الحارث بن كعب بالحيرة، وكان بينها نسب من قبل النساء، فأكرمه وابتاع له موضع دار بثلاثمائة أوقية من ذهب، وأعطاه مائتين من الإبل برعاتها، وفرسًا وقينة، واتصل بملوك الحيرة، فعرفوا حقه وحق ابنه زيد، فلم يكن منهم ملك يملَّك إلاَّ ولولد أيوب منه جوائز، ثمَّ إنَّ زيدًا نكح امرأة من آل قلاّم، فولد له حمار، فخرج زيد بن أيوب يومًا للصيد، فلقيه رجل من بني امرئ القيس الذين كان لهم الثأر، فاغتال زيدًا وهرب، ومكث حمار في أخواله حتى أيفع، وعلمته أمه الكتابة، فكان أول من كتب من بني أيوب، فخرج من أكتب الناس، حتى صار كاتب النعمان الأكبر، فلبث كاتبًا له حتى ولد له ولد سمَّاه زيدًا باسم أبيه، وكان لحمار صديق من دهاقين الفرس اسمه فرخ ماهان، فلما حضرت الوفاة حمارًا أوصى بابنه زيد إلى الدهقان وكان من المرازبة، فأخذه إليه، وكان زيد قد حذق الكتابة، وعلمه الدهقان الفارسية، وكان ليبيًا، فأشار الدهقان إلى كسرى أن يجعله على البريد، فولاه فبقى زمانًا، ثمَّ إن النعمان هلك، فاختلف أهل الحيرة فيمن يملكون إلى أن يعقد كسرى الأمر لرجل منهم، فأشار المرزبان عليهم بزيد ابن حمار، فكان على الحيرة إلى أن ملَّك كسرة المنذر بن ماء السَّماء، ونكح زيد نعمة بنت ثعبلة العدوية، فولدت له عديًا، وولد للمرزبان ابن سماه شاهان مرد، فلما أيفع عديّ أرسله المرزبان مع ابنه إلى كتَّاب الفارسية، وتعلم الكتابة والكلام بالفارسية، حتى خرج من أفهم الناس [بها] وأفصحهم بالعربية، وقال الشعر، وتعلَّم الرمي بالنشاب، وتعلم لعب العجم على الخيل بالصوالجة وغيرها. ثم إنَّ المرزبان لما اجتمع بكسرى قال له: إنَّ عندي غلامًا من العرب هو أفصح الناس، وأكتبهم بالعربية والفارسية، والملك محتاج إلى مثله، فأحضر المرزبان عديّ بن زيد، وكان جميل الوجه فائق الحسن، وكانت الفرس تتبرك بالجميل الوجه، فرغب فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>