منها شعر قائم برأسه. وخرَّج بعضهم ما هنا على أنَّ الأصل:"الغراب الأسودي" بياء النسبة على قصد المبالغة، ثمَّّ خففت الياء، وعلى هذا فلا بد من رسم الياء.
وقد تشاءمت العرب الغراب، وبالغوا في ذلك حتى أضافوه إلى البين، فقالوا: غراب البين، لأنَّ من شأنه أن ينزل الدور التي بان عنها أهلها، ومن شأنه أكل الجيف والقمامات، وهو من لئام الطير. ومثله في الناس الزنج، فإنَّهم شرار الحلق تركيبًا ومزاجًا، وتقدَّم في الإنشاد الذي قبل هذا ما يتعلَّق بالتَّطير.
وقوله: لا مرحبًا بغد .. الخ، هو مفعول مطلق، كأنه قال: لا رحب رحبًا، ولا أهل أهلًا، والرحب: السعة، يذم غداة الفراق ويدعو عليه.
وقوله: أفد الترحل .. الخ، أفد بكسر الفاء من باب رح: دنا وقرب، ويروى بدله:"أرزف" بكسر الزّاي، وهو بمعناه. والركاب: الإبل، واحدتها راحلة من غير لفظها، ولما: يمعنى لم، وتزل: بضم الزاي، من زال يزول إذا انتقل وذهب، والرحال: جمع رحل، وهو ما يستصحبه المسافر من الأثاث، وغير: منصوبة على الاستثناء المنقطع، يقول: قرب الارتحال، لكن لم تذهب إبلنا بأثاثنا إلى الآن، وكأن: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، والجملة المحذوفة بعد قد خبرها، أي: وكأن قد زالت. ونقل ابن الملا عن ابن جني أنه قال في "الخصائص": يجوز أن يكون قدي هنا بمعنى حسبي، أي: وكأن ذلك حسبي، فقدي وحده الخبر على هذا. انتهى. وهذا لا يسوغ معنى وإعرابًا، والعهدة عليه.
ومن أبيات القصيدة في وصف المتجردة:
محطوطة المتنين غير مفاضة ... ريَّا الرواد ف بضَّة المتجرَّد