للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه لو صح ما رووه من هذه الأبيات على مقتضى مذهبهم؛ فلا يخرج ذلك عن حدّ الشّذوذ والقلة، فلا يكون فيه حجّة، والله أعلم. هذا آخر كلام ابن الأنباري.

بقي وجه ذكره المصنف في التقارض من آخر الكتاب، وهو أن تكون "ما" في "كما" ناصبة، كما قيل في حديث: "كما تكونوا يولَّىعليكم" أعطى "ما حكم أن المصدريّة فعملت، كما أعطى أنَّ حكم ما المصدرية فأهملت في قوله:

أن تقرآن على أسماء ويحكما ... .. البيت.

وما نقله المصنّف عن أبي محمّد الأسود من أنّ أبا علي حرَّف هذا البيت لغو لا يلتفت إليه، فإنَّ البيت من أدلّة الكوفيّين قبل أن يخلق أبو علي الفارسي، فما كان ينبغي للمصنّف أن ينقله ويسلّمه. وكان هذا الأسود –واسمه الحسن بن أحمد الأعرابي المعروف بالغندجاني، وغندجان: بلدة قليلة الماء والنّبات بفارس- متهوّسًا متشدّقًا، له إقدام وجرأة في الردّ على العلماء المتقدّمين، ومستنده فيما يرويه أبو النّدى محمّد بن أحمد، وهذا رجل مجهول، وكان الشريف ابن الهباريّة الشاعر يقول: ليت شعري، من هذا الأسود الذي قد نصب نفسه للردّ على العلماء، وتصدّى للأخذ على الأئمة القدماء! بماذا نصحح قوله، ونبطل قول الأوائل، ولا تعويل له فيما يرويه إلَّا على أبي النَّدى، ومن أبو النّدى في العالم؟ ! لا شيخ مشهور، ولا ذو علم مذكور! قال ياقوت الحموي بعد ما تقدَّم: ولعمري إنَّ الأمر كما قال، فإن هذا يقول: أخطأ ابن الأعرابي في أنَّ هذا الشعر لفلان، إنما هو لفلان بغير حجّة واضحة، وكان لا يقنعه أن يرد على أهل العلم ردًا جميلًا، إنما يجعله من باب السخريّة والتهكم، وضرب الأمثال، وكان يتعاطى تسويد لونه، ويدّهن بالقطران، ويقعد في الشمس ليحقق لنفسه التلقيب بالأعرابي، ورزق سعادة وثروة، رأيت بعض تصانيفه، وقد قرئ عليه سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>