"نرى" في البيت بمعنى: نعتقد، من الرأي والاعتقاد، كقوله تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء/ ١٠٥] وقولهم: فلان يرى رأي الخوارج، أي: يعتقد رأيهم. وهذه متعدية إلى مفعول واحد كقوله تعالى:{فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}[الصافات/ ١٠٢]. وقال الشاعر:
لا بأس بالفارس أن يفرّا ... إذا رأى ذاك وأن يكرَّا
أي: إذا اعتقد صواب ذلك، فسبّة: حال لا مفعول ثان، لأنَّ أحد المفعولين في باب علمت لا يحذف، ولو كان رأيت هنا بمعنى علمت، لذكر الثاني في قوله: إذا ما رأته عامر وسلول، ولا يجوز أن يكون بمعنى عرف، لأنها تتعلَّق بالمحسوس. انتهى كلامه باختصار.
وقوله: يقرّب حبّ الموت، أي: حبّنا للموت، ويجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى فاعله، ويكون كقوله:
أرى الموت يعتام الكرام
ويكون على هذا: وتكرهه آجالهم، محمولًا على أنه إذا كرهت آجالهم الموت، فقد كره الموت آجالهم أيضًا. وروي:"يقصر حبّ الموت" واختاره ليكون القصر بإزاء الطول. وقوله: حتف أنفه، انتصب على الحال، ولم يستعمل منه حتف، ولا هو محتوف، وأوَّل من تكلم بهذه الكلمة النبي صلى الله عليه وسلّم، وتحقيقه: كان حتفه بأنفه، أي: بالأنفاس التي خرجت من أنفه عند نزوع الرّوح لا دفعة واحدة، ويقال خصّ الأنف بذلك لأنه من جهته يتقضّى الرمق. وقال أبو عبيد البكري: وأوَّل من نطق بهذا اللفظ: "مات فلان حتف أنفه" رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فدلَّ على أنَّ الشعر الإسلامي، وقد رواه قوم: "وما مات