للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كل، وثناه وإن كان في المعنى جمعًا للدلالة المتقدمة، إذ المراد بهذه التثنية الجمع، ألا ترى أنّ قوله: كل رفيقي كل رحل، جمع، ونظيره قوله "بينهما" بعد {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} فإن قال قائل: إن "هما" يرجع إلى رفيقين على قياس قولهم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة/ ٢٣٤] فهو عندنا مخطئ؛ لأنّ الاسم الأوّل يبقى معلقًا بغير شيء، وهذا القول ينتفض في قول من يقول به؛ لأنه عندهم يرتفع بالثاني أو بالراجع إليه، فإذا لم يكن له ثان، كان إيّاه في المعنى، ولم يعدل إليه شيء وجب أن لا يجوز ارتفاعه عندهم. فأمّا قوله:

لو أن عصم عمايتين ويذبل ... سمعا حديثك أبدا الأوعالا

في الكلام محمول على: لو أنّ عصم عمايتين، وعصم يذبل، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وليس بمحمول على عمايتين، ألا ترى أنّ عمايتين لا يسمعان، وقوله: سمعا في هذا البيت مثل "بينهما" في قوله عز وجل: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} والجملة التي هي "هما أخوان" رفع خبر لكلّ، ولا أستحسن أن يكون "هما" فصلًا لو كان المبتدأ والخبر معرفتين، لأّني وجدت علامة ضمير الاثنين يعنى به الجمع في البيت والآية، وفي قول الآخر:

إن المنية والحتوف كلاهما ... يوفي المخارم يرقبان سوادي

وقوله تعالى: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء/ ٣٠]، ونحو هذا، ولم أجد الاثنين المظهرين يعني بهما الجمع، والكثرة مكثرة علامة الضمير، فإن كان كذلك جعلت "هما" مبتدأ، وجعلت "أخوان" خبره،

<<  <  ج: ص:  >  >>