مشطها في البئر، فجاء أحد إخوتها فرآها تبكي، فسألها عن أمرها فأخبرته، فقال لها: فلا عليك، إنَّا إنَّزل آتيك به، فنزلّ في طلبه، فاحتضر فخنق، فاستغاث، فنزل أخوه في طلبه، فوجده ميتًا، فخنق، فاستغاث بالثالث، فترل فوجدهما ميتين، فذهب ليرجع فخنق، فاستغاث بالرابع، فنزل فألفاهم قد ماتوا، فذهب ليرجع فخنق فمات، فأرادت الجارية إنَّ تطرح نفسها في أثرهم فمنعت، وقيل لها: لا يحلّ لك قتل نفسك، فكفت ولزمت البكاء، وإنَّشأت تقول:
إخوتي لا تبعدوا أبدا ... وبلى والَّلات قد بعدوا
ليت شعري كيف عيشكم ... إنَّ عيشي بدعكم نكدٌ
ليت شعري كيف شربكم ... إنَّ شربي بعدكم ثمَّد
لو تملَّتهم عشيرتهم ... لأنَّقضاء العيش أو ولدوا
هإنَّ من بعض التَّذكر أو ... هإنَّ من بعض الَّذي أجد
وإذا ما الضَّيف حلَّ بنا ... قلت لهفي ليتهم شهدوا
كلّ ما حيّ وإنَّ أمروا ... واردوا الحوض الَّذي وردوا
أين عبد الحجر والصّرد ... ويزيد الفارس النَّجد
أينّ ملطاط أبو حجر ... وأبو الحرّبا ومعتمد
وردوا والله ما كرهوا ... وعلى آثارهم نرد
كلّ من يمشي بعقوتها ... وارد الماء الَّذي وردوا
فلو إنَّ الناس أجمعهم ... وجدوا بعض الَّذي أجد
لآماتّ الناسّ أيسر ما ... نال مني الوجد والكمد
لو بأحساب ومكرمة ... خلَّد الله الوّرّى خلّدّوا
وحدثني الحسين بن علي، عن أحمد بن أبي خيثمَّة، عن الزبير، عن مصعب ابن عثمَّان قال: كانت امرأة من بني شيهم من بني النجار، وإنَّما سمَّي النجار لانه ضرب رجلًا ضربة فقدَّ رجله، فقيل: كانما نجره، فسمَّي النجار، وكان لها اخوة سبعة، فسقط مدرى لها من فضة في بئر، فدخل أكبرهم ليخرجه، فأسن