للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعرًا منها! قال: هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبها، قم التفت إليها وقال: أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة، فقالت: نعم أيها الأمير:

وهل تبكتن ليلى إذا متُّ قبلها ... وقام على قبري النساء النوائح

كما لو أصاب الموت ليلى بكيتها ... وجاد لها دمع من العين سافح

وأغبط من ليلى بما لا أناله ... بلى كلُّ ما قرَّت به العين صالح

فقال لها: زيدينا من شعره، فقالت هو الذي يقول:

حمامة بطن الواديين ترنَّمي ... سقاك من الغرِّ الغوادي مطيرها

أبيني لنا لا زال ريشط ناعمًا ... ولا زلت في خضراء غضٍ نضيرها

وأشرف بالقور البقاع لعلَّني ... أرى نار ليلى أو يراني بصيرها

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ... لقد رابني منها الغداة سفورها

يقول رجال لا يضرُّك نأيها ... بلى كل ما شفتَّ النفوس يضيرها

بلى قد يضرُّ العين أن تكثر البكا ... ويمنع منها نومها وسرورها

وقد زعمت ليلى بأني فاجر ... لنفسي تقاها أو عليها فجورها

فقال لها الحجاج: يا ليلى ما الذي رابه من سفورك؟ قالت: أيها الأمير إنه كان يلمّ بي كثيرًا، فأرسل إليَّ يومًا إني آتيك، وفطن الحي فأرصدوا له، فلما أتاني سفرت، فعلم أن ذلك لشرّ، فلم يزد على التسليم والرجوع، فقال: لله درك! فهل رأيت منه شيئًا تكرهينه؟ قالت: لا والذي أسأله أن يصلحك، إلا أنه قال مرة قولاً ظننت أنه قد خضع لبعض الأمر، فأنشأت أقول:

وذي حاجةٍ له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى صاحب وخليل

فلا والله ما رأيت منه شيئًا، حتى فرَّق الموت بيني وبينه (قال ثم مه! قالت: )

<<  <  ج: ص:  >  >>