للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: قول الفراء، قال: هذه من كلمتين كانتا تجتمعان. كانوا يقولون: والله إنك لعاقل، فخلطتا فصار فيها اللام والهاء من الله تبارك وتعالى، والنون من إن المشدودة، وحذفوا ألف إن، كما حذفوا ألف إن، كم حذفوا الواو من أول"والله".

والثالث: قول حكاه المفضل بن سلمه لغير الفراء، ومعناه: لله إنك لمحسن، قال: وهذا أسهل في اللفظ، وأبعد في المعنى. والذي قال الفراء أصح في المعنى، لأنّ قول القائل: والله إنك لقائم لقائم، اللام في الجواب دليل على القسم، وقولهم: لله تعجب، والتعجب لا يدخل معه إن. هذا حكاية كلام المفضل بن سلمه. انتهى كلام السيرافي باختصار.

وقد اختار أبو علي في كتاب"نقض الهاذور" مذهب الكسائي، ونسبه إلى زيد، وأيده بدلائل، ونقص ما حققه في"التذكرة القصرية" وأفرغ جهده في تزييفه وتزييف سائر الأقوال، وقد ذكره ابن جني في"الخصائص" ورده وقال: على أنّ أبا علي قد كان قوًاه بأخرة، وفيه تعسف، وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة بنقل كلام أبي علي وابن جني وغيرهما في شرح الشاهد الواحد والستين بعد الثمانمائة من شواهد الرضي.

والبيت الشاهد من أبيات لغلام من بني كلاب فيما رواه ثعلب، ولغلام من بني نمير فيما حكاه القالي وأبو هلال العسكري، أما ثعلب فقد رواها في أوّل الجزء الثالث من"أماله" قال: حدثني أبو سعد عبد الله بن شبيب قال: حدثني هارون ابن أبي بكر قال: حدثني محمد بن معن الغفاري قال: أقحمت السّنة المدينة ناسًا من الأعراب، فحل المذاد منهم صرم من بني كلاب، وكانوا يدعون عامهم ذلك الجراف، قاّل: فابرقوا ليلةً في النجد، وغدوت عليهم فإذا غلام منهم قد عاد جلدا وعظما، ضيعة ومرضا وضمانة حب، فإذا هو رافع عقيرته بأبيات قد قالها من الليل:

<<  <  ج: ص:  >  >>