وقد طال عهدي بالشَّباب وظلِّه ... ولا قيت أيامًا تشيب النَّواصيا
وإنما ذكرت هذين البيتين مستدلًا بهما على نصب القافية، لئلا يتوهّم متوهّمٌ أنَّ البيت فرد مصنوع، لأنَّ إسكان الياء في قوله: متراخيًا ممكن مع تصحيح الوزن، على أن يكون البيت من الطّويل الثالث، مثل قوله:
أقيموا بني النُّعمان عنّا صدوركم ... وإلاَّ تقيموا صاغرين الرّؤوسا
وإذا صحَّ نصب قافية البيت، فلا تخلو "لا" الأولى أن تكون معملة أو ملغاة، فإنْ كانت معملة فمبتغ خبرها، وكان حقّه أن ينصب، ولكنه أسكن الياء في موضع النّصب، كما أسكنها الآخر في قوله:
كفى بالنَّأي من أسماء كاف
وكان حقّه كافيًا؛ لأنّه حال بمنزلة المنصوب في قوله تعالى:{وكفى بالله نصيرًا}[النساء/ ٤٥]. ومثله في إسكان الياء في موضع النّصب قول الفرزدق:
يقلِّب رأسًا لم يكن رأس سيِّدٍ ... وعينًا له حولاء بادٍ عيوبها
كان حقّه: باديًا، إتباعًا لقوله:[عينًا، ولا يجوز أن يكون عيوبها مبتدأ وخبره باد، لأنه لو أراد ذلك لزمه أن يقول: بادية، ألا ترى أنّك لو قدمت العيوب لم يصح أن تقول: عيوبها بادٍ؟ كما لا تقول: الرجال جالس: وإذا كان كذلك فالنصب في قوله]: متراخيًا، بالعطف على مبتغ؛ لأنه منصوب الموضع،