قال ابن الأعرابي في "نوادره": الرَّجز لابن العيّف، وقيل: لعبد المسيح بن عسلة، وقال الخطيب التّبريزي: هذه الأبيات للحارث بن العيّف، أخي بني سلمة يهجو بها الحارث بن جبلة الغسّاني، وحمله على هجوه المنذر بن ماء السّماء.
والشّادخة: الفعلة القبيحة التي تشدخ فاعلها، والشّادخة أيضًا: بمنزلة الشادخ من الغرر، يريد: أنه ركب أمرًا واضحًا في القبيح، والمحجّلة: المشهورة التي لا خفاء بها، وقوله:
وكانّ في جاراته لا عهد له
يريد: أنه لا يحفظهنَّ، ولا يّأمنَّ على نفوسهنَّ منه. انتهى كلامه. وزاد بيتًا قبل البيت الأخير، وهو:
ليس يأوي مستضيفٌ طلله
ولم يشرح كلمة الطّلل، وهو- بفتح الطّاء المهملة واللاَّم- من الدّار كالمصطبة يجلس عليها.
وقال الصّاغاني: هذا الرّجز لشهاب بن العيّف، ويروى للحارث بن العيّف، والأوَّل هو الصحيح؛ فإنّي وجدته فى شعر شهاب بخطّ أبي القاسم الآمدي في "أشعار بي شيبان" انتهي. وكذا قال أبو محمد الأسود في "ضالة الأديب": إنها لشهاب بن العيّف، وكذا جزم ابن حبيب في "المغتالين" وقال الحلواني: هو لعمارة ابن العيّف العبدي، من سليمة عبد القيس، وهما فى بني شيبان في بني أسعد.
ومنشأ هذا الرَّجز: هو ما حكاه ابن حبيب، قال: كان المنذر ذو القرنين بن ماء السماء دعا ذات يوم النّاس؛ فقال: من يهجو الحارث بن جبلة الغسّاني؟ فدعا حرملة بن عسلة الشّيباني فيمن دعا. وأمّ حرملة من غسّان، فقال: اهجه ولك مائة من الإبل، فقال لا ينطق لساني بشتمة، وأنشأ يقول:
ألم تر أني بلغت المشيبا ... وفي دار قومي عفاءً كسوبا
وأنَّ الإله تنصَّفته ... بأن لا أعقَّ وأن لا أحوبا