فأتبعها طرفه، وقال: لبيكما لبيكما، ها أنا ذا لديكما، لا مال يغنيني، ولا عشيرة تحميني، فرجعا وفعلا مثل ذلك، وقال في الثّالثة: لبيكما ها أنا ذا لديكما، محفوف بالنّعم، مخضود بالذّنب، ثمَّ ذهبا فقال أميّة:
إن تغفر اللَّهمَّ تفغر جمّا ... وأيُّ عبدٍ لك لا ألمَّا
ثمَّ انطبق السّقف وجعل أمية يمسح صدره، قالت أخته: يأخي هل تجد شيئًا؟ قال: لا، ولكن أجد حرًّا في صدري، ثمَّ أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
اجعل الموت نصب عينيك واحذر ... غولة الدَّهر إنَّ للدَّهر غولا
وذكر ابن قتيبة أنَّ أميّة قال البيتين حين حضرته الوفاة، وذكر قبلهما بيتًا وهو:
كل عيشٍ وإن تطاول يومًا ... إلى آخره.
انتهى. وقد اشتهر هذا البيت لأبي خراش الهذلي، وأورده ابن الشّجري في "أماليه" وتبعه المصنّف. ورأيت في "طبقات النحويين" للتّاريخي: حدَّثنا أحمد ابن عبيد قال: حدَّثنا الأصمعي قال: كان أبو خراش يسعى بين الصَّفا والمروة ويقول
لا همَّ هذا خامسٌ إن تمَّا ... أتمَّه الله وقد أتمَّا
إن تغفر اللَّهمَّ تغفر جمَّا ... إلى آخره.
وقد فحصت عن هذا الشعر فى شعر أبي خراش من كتاب "أشعار الهذليين" جمع السكري فلم أجده فيه، والنّسخة التي عندي نسخة قديمة صحيحة، يغلب على ظني أنها بخطّ السّكري، وعلى ظهرها خطّ الإمام أحمد بن فارس اللّغوي صاحب "المجمل في اللّغة".
وقال السّيوطي: قال السّكري في "أشعار هذيل": قال الأصمعي: أخبرنا ابن أبي طرفة الهذلي قال: قال أبو خراش، وهو يسعى بين الصّفا والمروة ويرتجز:
لا همَّ هذا رابعٌ إن تمَّا ... أتمَّه الله وقد أتمَّا
إن تغفر اللَّهمَّ ... . . . .. البيت