انتهى. ولا أدري حقيقة الحال والله به أعلم، ثمَّ قال السّيوطي: وأخرج ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد في قوله تعالى: {إلاَّ اللَّمم}[النجم/ ٣٢] قال: الرَّجل يلم بالذّنب ثمَّ ينزع عنه، قال: وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون: إن تغفر اللهمَّ ... إلى آخره. وأقول: قول مجاهد يدلّ أنَّ هذا الرّجز قبل الإسلام بدهر، فإنَّ أبا خراش صحابيّ، وتقدَّمت ترجمته في الإنشاد الثامن والعشرين بعد المائتين.
وأمية بن أبي الصّلت هلك في عصر النبيّ، صلى الله عليه وسلّم كما يأتي، فجائز أن يكون كلّ منهما تلّقفه ممّن كان قبله من الجاهلية. ثمَّ قال السيّوطي: وأخرج الترمذي وابن جير والبزار، وغيرهم من طريق زكريا بن أبي إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله تعالى:{إلاَّ اللَّمم} قال: هو الرّجل يلم بالفاحشة ثمَّ يتوب، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
إن تغفر اللَّهم تغفر جمّا ... وأيُّ عبدٍ لك لا ألمَّا
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. انتهى.
أقول: وأورده في "الجامع الصّغير" عن الترمذي والحاكم عن ابن عبّاس، قال شارحه المناوي في "شرحه الكبير": هذا البيت لأميّة بن أبي الصّلت، تمثّل به صلى الله عليه وسلّم، والمحرّم عليه إنشاء الشّعر لا إنشاده، ومعناه: إن تغفر ذنوب عبادك فقد غفرت ذنوبًا كثيرة، فإنَّ جميع عبادك خطّاؤون، أخرجه الترمذي في تفسيره، والحاكم في الإيمان والتّوبة عن ابن عبّاس، قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذَّهبي. وقوله: لا ألمّا، أي: لم يلم بمعصية، يعني: لم يتلطّخ بالذّنوب، وألم إذا فعل اللَّمم، وهو صغار الذّنوب، واللّمم في الأصل: الشيء القليل. انتهى كلامه.