للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: وحُمْر مدمّاة: هو معطوف على فرس، أي: ولنا إبل حمر، والمدمّاة: الخالصة الحمرة، التي ليس لها كُمْتَةٌ، تكون كلون الدَّم. والكثب: جمع كثيب، وهو التلّ من الرَّمل. وقوله: قد بلّها .. الخ، يريد أنَّ أسنمتها عالية طويّة بالشّحم كتلَ الرّمل المبلول بالطّلّ. وقوله: عليها من الدّهنا، عليها: صفة لحمر، وعتيق: فاعل الظّرف، ومن الدّهنا حال من عتيق، وكان في الأصل صفة، فلمّا قدَم صار حالًا، ومورة: معطوف على عتيق، ومن الحزن: صفتها، وكلًّا: مفعول تأكل، وبالمرابع متعلّق بتأكل، وأراد بالعتيق: الشّحم العتيق من العام الماضي، والمورة: مصدر مار فيها الشّحم: جرى واستحكم. والدهنا: موضع ببلاد تميم، يمدّ ويقصر، والحزن، بفتح المهملة: موضع آخر، والمرابع: المواضع التي يرتبعون فيها، أي: يقيمون بها أيّام الربيع خاصَّة، أي: تأكل نَباتكلّ من الحَزن والدَّهْنا. وقوله: وفي جسم راعيها .. الخ، أي: راعي هذه الإبل، والشّحوب: الضُّمر والتّغيّر، يقول: إنما هزاله لأنّه يتتبّع لها الخِصْب ولا يغفل عنها، ويؤثر بألبانها غيره، وهذا البيت صفة أخرى لحمر.

وقوله: فلا الجارة الدّنيا .. الخ، الفاء للتّفريع، والجملة إخبار، أخبر عن نوقه أنَّ الجار لا يذمّها، وأنَّ الضَّيف لا يُحوَّل عنها، ثمَّ ترقى في البيت الذي بعده فقال: من حضر معطنها، ومن مرَّ بها لا يحرم من ألبانها، فكيف يحرم الجار والضَّيف؟ ! وإنما خصَّ الجارة دون الجار لأنّه الأغلب، لأنّه أراد الأرامل والعجائز، ووصفها بالقريبة، لأنَّ البعيدة ربما تستغنى عنه بكريم آخر، وربما لا يعلم حالها، فالاعتناء بشأن القريبة أهمّ وافتخار العرب بإكرام الجار والضّيف غنيّ البيان، فالجارة مبتدأ، والدّنيا: مؤنَّث الأدنى، من الدّنوّ وهو القرب: نعت الجارة، واللام من "لها" بمعنى "إلى" متعلّقة بالدّنيا، وجملة "تلحينَها": خبر المبتدأ وفيه الشّاهد حيث أكّده بعد لا النَافية، والضّيف مبتدأ، ومحول: خبره، وعنها: متعلّق به، وجملة الشّرط معترضة بين المبتدأ وخبره، وجوابه محذوف دلَّ عليه الخبر، أي: إن أناخ راحلته لا يحوّل عنها، واللحي: اللّوم، يقال: لحيت الرَّجل ألحاه لحيًا: إذا لمته، ولحاه الله بمعنى قبّحه ولعنه. كذا في "الصّحاح". فعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>