للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الفاعِل لا يكون إلَّا ما دلَّ عليه يضيرها، لأنه ليس في الكلام ما يجوز أن يكون فاعلًا غير ذلك. والآخر أن يكون الكلام محمولًا على المعنى، فيكون الفاعل ما دلَّ عليه: أهجوتها أم بلت، كأنّه قال: ما ضرَّ تغلب وائل هجاؤك وبولك بهذا المكان. وحسن تجويز ذلك أنَّ ما ذكرنا من هذين الاسمين قد تعاقبا لفظ الاستفهام، فجاء (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) [المنافقون/ ٦] فما دخلت عليه الهمزة وأم في موضع خبر المبتدأ، فكما كان هذان الاسمان في موضع خبر المبتدأ كذلك يجوز أن يكونا فاعلين في هذه المواضع، ويحمل الكلام على المعنى. وإن شئت جوزتَ في قولها: "ما كان ضرك لو مننت" أن تكون ما نافية، فأضمرت في الفعل الضُّرّ، ولا يستقيم أن تجعل لمن الذي دلَّ عليه قولها لو مننت الفاعل كما استقام ذلك في همزة الاستفهام وأم، ألا ترى أنّه ليس في "لو" ما في الهمزة و"أم" من معاقبة الاسمين بعد لو كما تعاقبا بعد سواء. هذا آخر كلام أبي علي.

ومقتضاه أن لو شرطيَّة وجوابها محذوف دلَّ عليه ما قبلها ولا مانع منه.

والبيت أحد عشرة أبيات لقتيلة بنتِ النّضر بن الحارث رثت بها أباها النّضر، وعاتبت النبي صلى الله عليه وسلم في قتله، ولم يُطلقه بفدية، وكان أسر ببدر، وقتل بعد الوقعة. قال ابن هشام، في "السيرة" النّضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مَناف قتله عليَّ بن أبي طالب صبرًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بالصَّفراء. قال ابن هشام: بالأُثَيْل، ويقال: النّضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف. انتهى. وقد أورد أصحاب السير أبياتها في كتبهم، ولم يصب ابن هشام في قوله: قتيلة بنت الحارث أخت النّضر بن الحارث، قال السَهيلي: الصَّحيح أنها بنت النّضر لا أخته، كذلك قال الزبير وغيره، وكذلك وقع في كتاب "الدلائل".

وقتيلة هذه كانت تحت الحارث بن أمية الأصغر، فهي جدة الثريا بنت عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>