للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أن الضعف في اللغة: المثل تضاعفت به الشيء، ويكون الشيء المضاعف أيضًا، قال الخليل: يقال أضعفت الشيء، وضعفته وضاعفته: إذا جعلته مثلين أو أكثر، ويقال: ضعفته، بالتخفيف في هذا المعنى، فهو مضعوف ضعفًا، قال لبيد:

وعالينَ مضعوفًا وفردًا سموطهُ ... جمانٌ ومرجانٌ يشلٌ المفاصلا

فقد تبين من كلامه لما قال: وفردًا، أن المضعوف: ما جعل معه مثله، فنى، وأضعف به، وإذا كان الأمر على هذا، فالضعف بالفتح: المصدر، والضعف بالكسر: المثل الذي تضاعف به غيره، وغذا ثبت هذا صح أن يسمى الأول الذي ضم إليه مثله فيضاعفه: ضعفًا، كما سمي المثل الذي أضعف هو به ضعفًا، لاشتراكهما في أن كلا منهما مثل للأخر، وقد تضاعفت به، وهذا كما تقول تنيت الشيء تثنيته، وتثنيته ثنيًا بالتخفيف والفتح: إذا جعلت معه ثانيًا، ثم تسمي ما ثني الأول به ثنيًا بالكسر، والأول الذي تثني به أيضًا، وعلى هذا قولهم في أسماء العدد: واحد واثنان، لأن الواحد هو الذي لا ثاني له، فلما جعل له ثان تثنى به خرج من أن يكون واحدًا، فسمي الثاني ثنيًا لتثني الأول به، والول أيضًا ثنيًا لاشتراكهما في أن تثني كل منهما بصاحبه، فقيل: اثنان، والأصل ثنيان، وقال طرفة:

لعمركَ إنَّ الموتَ ما أخطأَ الفتى ... لكالطولِ المرخى وثنياه باليدِ

فأتي به على أصله، وكما جاء الضعف بمعنى المضاعف جعلوا الثني بمعنى المثنى أيضًا، ومن الحجة في الضعف الذي بمعنى المثل سوى ما ذكرناه قول الله عز وجل: (يضاعفْ لها العذابُ ضعفينِ) (الأحزاب/٣٠) أي: يجعل عذاب جرمها كعذابي جرمين، فيصير مثلي ما قوبل به جرم غيرها، والدليل على ذلك قوله تعالى: (نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ) (الأحزاب /٣١) ألا ترى أنه لا يكون أن تعطى على

<<  <  ج: ص:  >  >>