للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذريعة بحرف، وإنما سمع تعدي الوسيلة على أنه لا مانع من ترك الصلة إذا كان معنى الكلام ظاهرًا.

التاسع: قوله بين الله والمطر، والصواب بينك وبين الله لأجل المطر، وذلك لأنهم كانوا يشعلون النيران في السلع والعشر المعلّقة على الثيران ليرحمها الله تعالى، وينزل المطر لإطفاء النار عنها. انتهى. وأقول: هذا تحجير في التوسع بطرق الكلام الجائزة، ولا قائل به.

ثمَّ رأيت رسالة لبعض الأروام، يقال له: صنع الله ابن القاضي إبراهيم؛ زعم فيها أنّه حقق الأغلاط التسعة، وها أنا أسردها عليك لتحيط بها علمًا. قال: اعلم أنّه لما قال: يستمطرون لدى الأزمات بالعشر كان مظنة أن يسأل عن كيفية الاستمطار، فالتأدية عما يجاب عنه يستدعي أن يكون بالجملة الفعلية على طريقة الاستئناف البياني، فأبرز الكلام في موقع الاستئناف بصورة الالتفات، وأن تخبير بأن عدوله من الجملة الفعلية الدالة على التجدّد والحدوث إلى الجملة الاسميّة الدّالّة على الدّوام والثبوت يكون غلطًا، لأنَّ من المعلوم أنَّ التسليع لا يستمر استمرار الدوام والثبات، بل كان مما يحدث في وقت دون وقت، فالصواب إذن التأدية عن هذا المعنى بالجملة الفعلية دون الاسمية كما لا يخفى، على أن مراده يتم بدون الجعل ثمة بأن يقول مثلًا: يسلّعون ثيار الوحش بينهم وغير ذلك، ثمَّ إنَّ البيقور إن كان اسم جنس، كما قاله الجوهري كان حقّه أن يوصف بالمذكّر كتمر طيّب، فعلى هذا تأنيث وصفه يكون غلطًا وفيه بحث، لأنَّ اسم الجنس على ما قيل يجوز في وصفه التذكير نظرًا إلى اللفظ، والتأنيث نظرًا إلى المعنى. قال التفتازني في أوائل "التلويح": الكلم من الكلمة بمنزلة التمر من التمرة يفرق بين الجنس، وواحدة بالتاء، واللفظ مفرد، إلا أنه كثيرًا ما يسمى جمعًا نظرًا إلى المعنى الجنسي، ولاعتبار جانبي اللفظ والمعنى يجوز في وصفه التذكير والتأنيث، قال الله تعالى: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [القمر/ ٢٠] أي: منقطع عن مغارسه ساقط

<<  <  ج: ص:  >  >>