للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وجه الأرض، وقال تعالى: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) [الحاقة/ ٧] أي: متآكلة الأجواف، فعلى هذا وصفه بالمؤنث لا يكون غلطًا، وأمّا إن كان اسم جمع، كما قاله الفيروزابادي، فيستدعي أن يوصف بالجمع البتَة كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [يونس/ ٨٥] وكما في قوله تعالى: (هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) [الدخان/ ٢٢]، فعلى هذا إفراد وصف البيقور يكون غلطًا، والصواب حينئذ مسلعات، وهذا بالقنظر إلى الوصفية الأصلية، وإلا لا يصح وقوع الاسم صفة، ومن المعلوم أنّ الجمع المصحح في ذوات ما لا يعقل بالألف والتاء كما أنه في ذوات العقلاء بالواو والنون، ثمَّ إن ذكر البيقور مع توصيفه بالمسلعة غلط آخر، إذ المسلعة اسم للبقر المسلع منقولة من الوصفية إلى الاسمية كالنطيحة للمنطوح، والذبيحة للمذبوح، والفاتحة والخاتمة، وفي مثله يستوي المذكر والمؤنث، ولا يكون جاريًا على الموصوف، والتاء علامة لكون الوصف اسمًا للغلبة يؤيّده قول الجوهري. ومنه المسلعة حيث لم يقل، ومنه البقر المسلعة، ولا يذهب عليك أنَّ التاء لتأنيث الموصوف دون علامة الفعل، إذ الموصوف علم ذلك فيما مرَّ من قول صاحب "القاموس" كانوا إذا أسنتوا، علقوا السلع مع العشر بثيران الوحش، وهي الذكور من البقر دون إناثها كما ذكره السيوطي في "شرح شواهد المغني" نقلًا عن أئمة اللغة أنَّ السلعة ثيران وحش علق عليها السلع، ثم لا يلتبس أن تنكير بيقور غلط أيضًا لتقدم ذكره كفاية في البيت السابق، إذ الاستمطار بالعشر لدى الأزمات إنما يكون بتسليع البيقور، نظيره قوله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى) [آل عمران/ ٣٦] بعد قوله تعالى: (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا) [آل عمران/ ٣٥] على أن "جعل" من أفعال القلوب، وهي تغير المبتدأ والخبر لفظًا بنصبهما ومعنى لتأثيرها في كلا الجزءين، وصار الذي كان خبرًا مفعولًا ثانيًا، فلا يصح تنكير البيقور حينئذ، لكونه متبدأ في الحقيقة، فإن قلت: أليس يمكن أن يجعل بيقورًا نكرة مخصصة بمسلعة حتى يصلح أن يقع مبتدأ، ويجعل ذريعة

<<  <  ج: ص:  >  >>