للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما احتج به لا حجة فيه، أما (لقد جاءك) فالفاعل مضمر، أي: ولقد جاءك هذا النبأ، و (من نبأ المرسلين) في موضع الحال، أي كائنًا من نبأ المرسلين، لأن قبله (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) (الأنعام/ ٣٤) فخبره تعالى أن هذا النبأ الذي جاءك من نبأ المرسلين فتأس بما جرى لهم.

وأما (من أساور من ذهب) فمن للتبعيض، وأما (ويكفرْ عنكمْ من سيئاتكمْ ويعفرْ لكمْ من ذنوبكم) فالذي يكفر بعض السيئات، والذي يغفر بعض الذنوب، لأن ما كان فيه تبعة لآدمي لا يكفر، ولأن المغفور بالإيمان ما اكتسبوه من الكفر لا ما يكتسبونه في الإسلام، وذلك بعض الذنوب، فمن فيها للتبعيض، وكذلك من للتعبيض في (أن ينزل عليكمْ منْ خيرٍ) إذ أصله: أن ينزل عليكم من خير، أي: بعضًا من خير، ثم بني للمفعول، وأقيم المجرور مقام الفاعل، وجعل الظاهر بدلًا من الضمير لما حذف الظاهر الذي كان يعود عليه الضمير، وهو اسم الله تعالى، وكذا هي للتبعيض أيضًا في (مما أمسكن عليكمْ) لأنه لا يمكن أن نأكل جميع ما أمسكن إذ منه ما يموت مدفى ولم تنفذ مقاتلة، ولا أثر فيه بناب ولا ظفر.

وأما (من تحتها) فلابتداء الغاية، وأما "فإذا بقي من قراءتة" وفي: ما قال من كاشح، وقد كان من طول، ويكثر فيه من حنين، وقد كان مطر، وقد كان من حديث، فمخرج على أن تكون "من" في ذلك كله مبعضة، ويكون الفاعل مضمرًا اسم فاعل يفسره الفعل كما فسر في قوله تعالى: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات) (يوسف/ ٣٥) أي: هو، أي: البداء، فكذلك يكون التقدير. فإذا بقي هو، أي باق من قراءته، وفي ما قال، أي: هو قائل من كاشح، وقد كان هو أي: كائن من طول، ويكثر فيه هو، أي: كائن من حنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>